الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

اَلْفَصْلُ ٱلسَّابِعَ عَشَرَ

‏«هوذا أَمَة يهوه!‏»‏

‏«هوذا أَمَة يهوه!‏»‏

١،‏ ٢ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ حَيَّا ٱلزَّائِرُ ٱلْغَرِيبُ مَرْيَمَ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ وَجَدَتْ مَرْيَمُ نَفْسَهَا أَمَامَ مَرْحَلَةٍ مَصِيرِيَّةٍ مِنْ حَيَاتِهَا؟‏

رَفَعَتْ مَرْيَمُ بَصَرَهَا وَٱلدَّهْشَةُ مُرْتَسِمَةٌ عَلَى وَجْهِهَا لِتَرَى ٱلزَّائِرَ ٱلْغَرِيبَ ٱلَّذِي دَخَلَ بَيْتَهَا.‏ فَهُوَ لَمْ يَطْلُبْ رُؤْيَةَ أَبِيهَا أَوْ أُمِّهَا،‏ بَلْ أَتَى لِرُؤْيَتِهَا هِيَ!‏ إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ ٱلنَّاصِرَةِ.‏ فَفِي مَدِينَةٍ صَغِيرَةٍ كَمَدِينَتِهَا يَلْفِتُ ٱلْغُرَبَاءُ ٱلْأَنْظَارَ سَرِيعًا،‏ وَهٰذَا ٱلزَّائِرُ خُصُوصًا يَلْفِتُ ٱلنَّظَرَ أَيْنَمَا حَلَّ.‏ هٰذَا وَإِنَّهُ أَلْقَى عَلَيْهَا سَلَامًا لَمْ تَأْلَفْهُ مِنْ قَبْلُ،‏ قَائِلًا:‏ «طَابَ يَوْمُكِ،‏ أَيَّتُهَا ٱلْمُنْعَمُ عَلَيْهَا،‏ يَهْوَهُ مَعَكِ».‏ —‏ اقرأ لوقا ١:‏​٢٦-‏٢٨‏.‏

٢ هٰكَذَا يَأْتِي ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى عَلَى ذِكْرِ مَرْيَمَ ٱبْنَةِ هَالِي مِنْ مَدِينَةٍ فِي ٱلْجَلِيلِ ٱسْمُهَا ٱلنَّاصِرَةُ.‏ فَنَجِدُهَا أَمَامَ مَرْحَلَةٍ مَصِيرِيَّةٍ مِنْ حَيَاتِهَا.‏ لَقَدْ كَانَتْ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ ٱلنَّجَّارِ،‏ رَجُلٍ فَقِيرِ ٱلْحَالِ وَلٰكِنْ رَاسِخُ ٱلْإِيمَانِ.‏ لِذَا رُبَّمَا لَدَيْهَا تَصَوُّرٌ وَاضِحٌ لِمُسْتَقْبَلِهَا.‏ فَهِيَ سَتَعِيشُ عِيشَةً بَسِيطَةً بِرِفْقَتِهِ وَتَدْعَمُهُ فِي تَرْبِيَةِ عَائِلَةٍ جَمِيلَةٍ.‏ وَلٰكِنْ فَجْأَةً،‏ أَتَاهَا هٰذَا ٱلزَّائِرُ بِتَعْيِينٍ مِنْ إِلٰهِهَا،‏ مَسْؤُولِيَّةٍ كَانَتْ سَتُحْدِثُ مُنْعَطَفًا كَبِيرًا فِي مَسَارِ حَيَاتِهَا.‏

٣،‏ ٤ لِكَيْ يَتَعَرَّفَ ٱلْمَرْءُ بِمَرْيَمَ،‏ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَجَاهَلَ وَعَلَامَ يَنْبَغِي أَنْ يُرَكِّزَ؟‏

٣ يَتَفَاجَأُ كَثِيرُونَ حِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ مُقْتَضَبٌ فِي ٱلْحَدِيثِ عَنْ مَرْيَمَ.‏ فَهُوَ يَذْكُرُ ٱلْقَلِيلَ عَنْ نَشْأَتِهَا،‏ وَأَقَلَّ أَيْضًا عَنْ شَخْصِيَّتِهَا،‏ وَلَا شَيْءَ مُطْلَقًا عَنْ مَظْهَرِهَا.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ نَسْتَشِفُّ أُمُورًا قَيِّمَةً مِمَّا يَقُولُهُ عَنْهَا.‏

٤ وَلِكَيْ يَتَعَرَّفَ ٱلْمَرْءُ بِمَرْيَمَ،‏ يَلْزَمُ أَنْ يَضَعَ جَانِبًا مَفَاهِيمَ مُكَوَّنَةً عَنْهَا مُسْبَقًا تُرَوِّجُهَا مُخْتَلِفُ ٱلْفِئَاتِ ٱلدِّينِيَّةِ.‏ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَجَاهَلَ ٱلْعَدَدَ ٱلْهَائِلَ مِنَ ٱلصُّوَرِ وَٱلتَّمَاثِيلِ ٱلرُّخَامِيَّةِ وَٱلْجِصِّيَّةِ ٱلَّتِي تُجَسِّدُهَا.‏ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يَغُضَّ ٱلطَّرْفَ عَنِ ٱلْعَقَائِدِ ٱللَّاهُوتِيَّةِ ٱلْمُعَقَّدَةِ ٱلَّتِي تَمْنَحُ هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةَ ٱلْمُتَوَاضِعَةَ أَلْقَابًا تَبْجِيلِيَّةً مِثْلَ:‏ «أُمَّ ٱللهِ» وَ «مَلِكَةَ ٱلسَّمٰوَاتِ».‏ وَبَدَلًا مِنْ ذٰلِكَ،‏ يَحْسُنُ بِهِ أَنْ يُرَكِّزَ عَلَى مَا يَقُولُهُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنْهَا.‏ فَهُوَ يَمْنَحُنَا بَصِيرَةً لَا تُقَدَّرُ بِثَمَنٍ عَنْ إِيمَانِهَا وَيُسَاعِدُنَا عَلَى ٱلِٱقْتِدَاءِ بِهِ.‏

مَنْ هُوَ ٱلزَّائِرُ؟‏

٥ ‏(‏أ)‏ مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ مَرْيَمَ حِيَالَ تَحِيَّةِ جِبْرَائِيلَ،‏ وَمَاذَا يُخْبِرُنَا ذٰلِكَ عَنْهَا؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ دَرْسٍ حَيَوِيٍّ نَتَعَلَّمُهُ مِنْ مَرْيَمَ؟‏

٥ لَمْ يَكُنْ زَائِرُ مَرْيَمَ مِنَ ٱلْبَشَرِ،‏ بَلْ كَانَ ٱلْمَلَاكَ جِبْرَائِيلَ.‏ وَعِنْدَمَا دَعَاهَا «أَيَّتُهَا ٱلْمُنْعَمُ عَلَيْهَا»،‏ «ٱضْطَرَبَتْ بِشِدَّةٍ» مِنْ كَلَامِهِ وَتَسَاءَلَتْ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هٰذَا ٱلسَّلَامُ غَيْرُ ٱلِٱعْتِيَادِيِّ.‏ (‏لو ١:‏٢٩‏)‏ فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْهَا يَا تُرَى؟‏ لَمْ تَتَوَقَّعْ مَرْيَمُ أَنْ تَنَالَ حُظْوَةً عِنْدَ ٱلنَّاسِ.‏ وَتَوَقُّعُهَا كَانَ فِي مَحَلِّهِ،‏ فَٱلْمَلَاكُ قَصَدَ ٱلْحُظْوَةَ عِنْدَ يَهْوَهَ ٱللهِ.‏ وَمَعَ أَنَّهَا رَغِبَتْ حَتْمًا أَنْ تَتَمَتَّعَ بِنِعْمَةِ إِلٰهِهَا،‏ لَمْ تَفْتَرِضْ بِكِبْرِيَاءَ أَنَّهَا تَحْصِيلُ حَاصِلٍ.‏ نَحْنُ أَيْضًا،‏ إِذَا سَعَيْنَا جَاهِدِينَ إِلَى نَيْلِ رِضَى ٱللهِ وَلَمْ نَدَّعِ بِتَعَجْرُفٍ أَنَّهُ رَاضٍ عَنَّا أَصْلًا،‏ نَتَعَلَّمُ دَرْسًا مُهِمًّا عَرَفَتْهُ هٰذِهِ ٱلشَّابَّةُ حَقَّ ٱلْمَعْرِفَةِ:‏ اَللهُ يُقَاوِمُ ٱلْمُتَكَبِّرِينَ،‏ أَمَّا ٱلْمُتَوَاضِعُونَ وَٱلْمَسَاكِينُ فَيُحِبُّهُمْ وَيَدْعَمُهُمْ.‏ —‏ يع ٤:‏٦‏.‏

لَمْ تَفْتَرِضْ مَرْيَمُ بِكِبْرِيَاءَ أَنَّ نِعْمَةَ ٱللهِ تَحْصِيلُ حَاصِلٍ

٦ أَيُّ ٱمْتِيَازٍ رَفِيعٍ حَمَلَهُ ٱلْمَلَاكُ إِلَى مَرْيَمَ؟‏

٦ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَرْيَمُ عَلَى هٰذَا ٱلْقَدْرِ مِنَ ٱلتَّوَاضُعِ لِأَنَّ ٱلْمَلَاكَ حَمَلَ إِلَيْهَا ٱمْتِيَازًا يَفُوقُ كُلَّ ٱلتَّصَوُّرَاتِ.‏ فَقَدْ أَوْضَحَ لَهَا أَنَّهَا سَتَلِدُ طِفْلًا يَكُونُ أَهَمَّ ٱلْبَشَرِ قَاطِبَةً.‏ قَالَ:‏ «يُعْطِيهِ يَهْوَهُ ٱللهُ عَرْشَ دَاوُدَ أَبِيهِ،‏ وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى ٱلْأَبَدِ،‏ وَلَا يَكُونُ لِمَمْلَكَتِهِ نِهَايَةٌ».‏ (‏لو ١:‏​٣٢،‏ ٣٣‏)‏ مِنَ ٱلْمُؤَكَّدِ أَنَّ مَرْيَمَ كَانَتْ عَلَى عِلْمٍ بِٱلْوَعْدِ ٱلَّذِي قَطَعَهُ ٱللهُ لِدَاوُدَ قَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ بِأَنَّ مُتَحَدِّرًا مِنْهُ سَيَحْكُمُ إِلَى ٱلْأَبَدِ.‏ (‏٢ صم ٧:‏​١٢،‏ ١٣‏)‏ إِذًا،‏ كَانَ ٱبْنُهَا سَيَصِيرُ ٱلْمَسِيَّا ٱلَّذِي ٱنْتَظَرَهُ شَعْبُ ٱللهِ طَوَالَ قُرُونٍ!‏

حَمَلَ ٱلْمَلَاكُ إِلَى مَرْيَمَ ٱمْتِيَازًا يَفُوقُ كُلَّ ٱلتَّصَوُّرَاتِ

٧ ‏(‏أ)‏ أَيُّ جَانِبٍ فِي شَخْصِيَّةِ مَرْيَمَ كَشَفَ عَنْهُ سُؤَالُهَا؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا يُمْكِنُ لِلشُّبَّانِ وَٱلشَّابَّاتِ ٱلْيَوْمَ أَنْ يَتَعَلَّمُوا مِنْ مَرْيَمَ؟‏

٧ عِلَاوَةً عَلَى ذٰلِكَ،‏ قَالَ ٱلْمَلَاكُ إِنَّ مَوْلُودَهَا ‹سَيُدْعَى ٱبْنَ ٱلْعَلِيِّ›.‏ فَكَيْفَ يُعْقَلُ أَنْ تُنْجِبَ ٱمْرَأَةٌ مِنَ ٱلْبَشَرِ ٱبْنَ ٱللهِ؟‏ بَلْ كَيْفَ يُعْقَلُ أَنْ تُنْجِبَ مَرْيَمُ وَلَدًا فِي ٱلْأَصْلِ؟‏!‏ فَهِيَ مَخْطُوبَةٌ لِيُوسُفَ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ مِنْهُ بَعْدُ.‏ لِذَا سَأَلَتِ ٱلْمَلَاكَ بِكُلِّ صَرَاحَةٍ:‏ «كَيْفَ يَكُونُ هٰذَا،‏ وَأَنَا لَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ زَوْجِيَّةٌ بِرَجُلٍ؟‏».‏ (‏لو ١:‏٣٤‏)‏ لَاحِظْ أَنَّ مَرْيَمَ لَمْ تَخْجَلْ بِعَذْرَاوِيَّتِهَا.‏ بِٱلْأَحْرَى،‏ ٱفْتَخَرَتْ بِعِفَّتِهَا وَطَهَارَتِهَا.‏ أَمَّا ٱلْيَوْمَ،‏ فَكَثِيرُونَ مِنَ ٱلشُّبَّانِ وَٱلشَّابَّاتِ يَسْتَهِينُونَ بِبَتُولِيَّتِهِمْ وَلَا يُمَانِعُونَ خَسَارَتَهَا،‏ حَتَّى إِنَّهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ بِٱلَّذِينَ يُحَافِظُونَ عَلَيْهَا.‏ فَلَكَمْ تَغَيَّرَتِ ٱلدُّنْيَا!‏ لٰكِنَّ يَهْوَهَ لَا يَتَغَيَّرُ أَبَدًا.‏ (‏مل ٣:‏٦‏)‏ إِنَّهُ يُعِزُّ ٱلَّذِينَ يَلْتَصِقُونَ بِمَقَايِيسِهِ ٱلْأَدَبِيَّةِ،‏ تَمَامًا كَمَا فِي زَمَنِ مَرْيَمَ.‏ —‏ اقرإ العبرانيين ١٣:‏٤‏.‏

٨ كَيْفَ كَانَ فِي وُسْعِ مَرْيَمَ أَنْ تُنْجِبَ وَلَدًا كَامِلًا رَغْمَ نَقْصِهَا؟‏

٨ صَحِيحٌ أَنَّ مَرْيَمَ كَانَتْ خَادِمَةً أَمِينَةً لِلهِ،‏ إِلَّا أَنَّهَا مِنَ ٱلْبَشَرِ ٱلنَّاقِصِينَ.‏ فَكَيْفَ لَهَا أَنْ تُنْجِبَ وَلَدًا كَامِلًا هُوَ ٱبْنُ ٱللهِ؟‏ أَوْضَحَ لَهَا جِبْرَائِيلُ:‏ «رُوحٌ قُدُسٌ يَأْتِي عَلَيْكِ،‏ وَقُدْرَةُ ٱلْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ.‏ لِذٰلِكَ أَيْضًا يُدْعَى ٱلْمَوْلُودُ قُدُّوسًا،‏ ٱبْنَ ٱللهِ».‏ (‏لو ١:‏٣٥‏)‏ إِنَّ ٱلشَّخْصَ ٱلْقُدُّوسَ «طَاهِرٌ» وَ «نَقِيٌّ».‏ لٰكِنَّنَا نَعْرِفُ أَنَّ ٱلْبَشَرَ يُورِثُونَ أَوْلَادَهُمُ ٱلْخَطِيَّةَ وَعَدَمَ ٱلطَّهَارَةِ،‏ لِذَا كَانَ يَهْوَهُ سَيَصْنَعُ عَجِيبَةً فَرِيدَةً فِي حَالَةِ مَرْيَمَ.‏ فَهُوَ سَيَنْقُلُ حَيَاةَ ٱبْنِهِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ إِلَى رَحِمِهَا ثُمَّ يَسْتَخْدِمُ قُوَّتَهُ ٱلْفَعَّالَةَ،‏ أَيْ رُوحَهُ ٱلْقُدُسَ،‏ لِكَيْ ‹تُظَلِّلَهَا› فَتَحْمِي ٱلْوَلَدَ مِنْ أَيِّ أَثَرٍ لِلْخَطِيَّةِ.‏ وَهَلْ صَدَّقَتْ مَرْيَمُ وَعْدَ ٱلْمَلَاكِ؟‏ مَاذَا كَانَ رَدُّ فَعْلِهَا؟‏

هَلْ قَبِلَتْ مَرْيَمُ ٱلتَّعْيِينَ؟‏

٩ ‏(‏أ)‏ لِمَ آرَاءُ ٱلْمُشَكِّكِينَ فِي رِوَايَةِ مَرْيَمَ خَاطِئَةٌ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ دَعَمَ جِبْرَائِيلُ إِيمَانَ مَرْيَمَ؟‏

٩ لَا يُصَدِّقُ ٱلْمُشَكِّكُونَ،‏ بِمَنْ فِيهِمْ لَاهُوتِيُّونَ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْمَسِيحِيِّ،‏ أَنَّ فَتَاةً عَذْرَاءَ يُمْكِنُ أَنْ تُنْجِبَ وَلَدًا.‏ فَهُمْ،‏ رَغْمَ كُلِّ عُلُومِهِمْ وَثَقَافَتِهِمْ،‏ يَعْجَزُونَ عَنِ ٱسْتِيعَابِ حَقِيقَةٍ بَسِيطَةٍ ذَكَرَهَا جِبْرَائِيلُ:‏ «مَا مِنْ إِعْلَانٍ يَسْتَحِيلُ عَلَى ٱللهِ».‏ (‏لو ١:‏٣٧‏)‏ أَمَّا مَرْيَمُ فَصَدَّقَتْ كَلَامَ جِبْرَائِيلَ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَمْلِكُ إِيمَانًا قَوِيًّا.‏ وَإِيمَانُهَا لَمْ يَكُنْ سَاذَجًا أَعْمَى.‏ فَهِيَ أَسَّسَتْهُ مِثْلَ أَيِّ شَخْصٍ مَنْطِقِيٍّ عَلَى ٱلْأَدِلَّةِ وَٱلْبَرَاهِينِ.‏ وَقَدْ كَانَ جِبْرَائِيلُ يُوشِكُ أَنْ يَدْعَمَ إِيمَانَهَا بِدَلِيلٍ إِضَافِيٍّ.‏ فَأَخْبَرَهَا أَنَّ ٱللهَ مَكَّنَ نَسِيبَتَهَا ٱلْمُسِنَّةَ أَلِيصَابَاتَ أَنْ تَحْبَلَ بِطَرِيقَةٍ عَجَائِبِيَّةٍ بَعْدَمَا بَقِيَتْ عَاقِرًا مُدَّةً طَوِيلَةً.‏

١٠ لِمَ لَا يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ ٱمْتِيَازَ مَرْيَمَ ٱلرَّفِيعَ خَلَا مِنَ ٱلْمَصَاعِبِ وَٱلْمَخَاوِفِ؟‏

١٠ وَٱلْآنَ مَاذَا سَتَفْعَلُ مَرْيَمُ بَعْدَمَا مُنِحَتْ هٰذَا ٱلتَّعْيِينَ وَتَوَفَّرَتْ لَدَيْهَا ٱلْأَدِلَّةُ أَنَّ ٱللهَ سَيُحَقِّقُ كُلَّ مَا قَالَهُ بِفَمِ جِبْرَائِيلَ؟‏ طَبْعًا،‏ لَا يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ هٰذَا ٱلِٱمْتِيَازَ كَانَ سَهْلًا لَا تُرَافِقُهُ أَيَّةُ مَصَاعِبَ أَوْ مَخَاوِفَ.‏ فَلَعَلَّهَا تَسَاءَلَتْ مَثَلًا هَلْ يَتَزَوَّجُهَا خَطِيبُهَا يُوسُفُ بَعْدَ أَنْ يَكْتَشِفَ حَبَلَهَا.‏ هٰذَا عَدَا عَنِ ٱلتَّعْيِينِ نَفْسِهِ ٱلَّذِي رُبَّمَا بَدَا مُهِمَّةً مُضْنِيَةً فِي نَظَرِهَا.‏ فَهِيَ سَتَحْمِلُ فِي أَحْشَائِهَا أَغْلَى مَخْلُوقَاتِ ٱللهِ عَلَى قَلْبِهِ،‏ ٱبْنَهُ ٱلْحَبِيبَ.‏ وَكَانَتْ سَتَعْتَنِي بِهِ وَهُوَ طِفْلٌ صَغِيرٌ عَاجِزٌ وَتُؤَمِّنُ لَهُ ٱلْحِمَايَةَ فِي عَالَمٍ شِرِّيرٍ.‏ فَمَا أَثْقَلَ هٰذِهِ ٱلْمَسْؤُولِيَّةَ بِٱلْفِعْلِ!‏

١١،‏ ١٢ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ تَصَرَّفَ أَشْخَاصٌ أَقْوِيَاءُ وَأُمَنَاءُ حِينَ تَسَلَّمُوا تَعْيِينَاتٍ صَعْبَةً مِنَ ٱللهِ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا كَشَفَتْ مَرْيَمُ عَنْ نَفْسِهَا مِنْ خِلَالِ جَوَابِهَا لِجِبْرَائِيلَ؟‏

١١ يُظْهِرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنَّهُ حَتَّى ٱلْأَشْخَاصُ ٱلْأُمَنَاءُ وَٱلْأَقْوِيَاءُ تَرَدَّدُوا أَحْيَانًا فِي قُبُولِ تَعْيِينَاتٍ صَعْبَةٍ مِنَ ٱللهِ.‏ فَمُوسَى ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْدُمَ نَاطِقًا بِكَلَامِ ٱللهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ طَلِقَ ٱللِّسَانِ.‏ (‏خر ٤:‏١٠‏)‏ وَإِرْمِيَا ٱعْتَرَضَ قَائِلًا إِنَّهُ «صَبِيٌّ»،‏ أَيْ أَصْغَرُ مِنْ أَنْ يَقُومَ بِٱلْمُهِمَّةِ ٱلَّتِي أَوْكَلَهَا ٱللهُ إِلَيْهِ.‏ (‏ار ١:‏٦‏)‏ يُونَانُ أَيْضًا هَرَبَ مِنْ تَعْيِينِهِ.‏ (‏يون ١:‏٣‏)‏ فَمَاذَا عَنْ مَرْيَمَ؟‏

١٢ لَا تَزَالُ كَلِمَاتُ هٰذِهِ ٱلشَّابَّةِ ٱلْأَمِينَةِ تَتْرُكُ أَثَرًا عَمِيقًا فِي كُلِّ ٱلْمُؤْمِنِينَ لِمَا فِيهَا مِنْ تَوَاضُعٍ وَطَاعَةٍ.‏ قَالَتْ لِجِبْرَائِيلَ:‏ «هُوَذَا أَمَةُ يَهْوَهَ!‏ لِيَكُنْ لِي كَمَا أَعْلَنْتَ».‏ (‏لو ١:‏٣٨‏)‏ كَانَتِ ٱلْأَمَةُ أَدْنَى ٱلْخَدَمِ وَحَيَاتُهَا مُلْكًا لِسَيِّدِهَا.‏ هٰكَذَا شَعَرَتْ مَرْيَمُ حِيَالَ سَيِّدِهَا يَهْوَهَ.‏ فَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّهَا فِي أَمَانٍ بَيْنَ يَدَيْهِ،‏ وَأَنَّهُ يَعْمَلُ بِوَلَاءٍ مَعَ ٱلْأَوْلِيَاءِ وَسَيُبَارِكُهَا إِذَا سَعَتْ جَاهِدَةً لِإِتْمَامِ مَسْؤُولِيَّتِهَا ٱلثَّقِيلَةِ.‏ —‏ مز ١٨:‏٢٥‏.‏

عَلِمَتْ مَرْيَمُ أَنَّهَا فِي أَمَانٍ بَيْنَ يَدَيْ إِلٰهِهَا ٱلْوَلِيِّ يَهْوَهَ

١٣ كَيْفَ نَسْتَفِيدُ مِنْ مِثَالِ مَرْيَمَ إِذَا طَلَبَ مِنَّا ٱللهُ أُمُورًا تَبْدُو فِي نَظَرِنَا صَعْبَةً أَوْ مُسْتَحِيلَةً؟‏

١٣ فِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ،‏ يَطْلُبُ مِنَّا ٱللهُ أُمُورًا تَبْدُو فِي نَظَرِنَا صَعْبَةً بَلْ مُسْتَحِيلَةً.‏ لٰكِنَّهُ يُزَوِّدُنَا فِي كَلِمَتِهِ بِوَفْرَةٍ مِنَ ٱلْأَسْبَابِ ٱلَّتِي تَدْفَعُنَا أَنْ نَتَّكِلَ عَلَيْهِ وَنَضَعَ أَنْفُسَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى غِرَارِ مَرْيَمَ.‏ (‏ام ٣:‏​٥،‏ ٦‏)‏ فَهَلْ نَثِقُ بِيَهْوَهَ؟‏ إِذَا فَعَلْنَا ذٰلِكَ،‏ يُكَافِئُنَا وَيُسَاعِدُنَا أَنْ نُقَوِّيَ إِيمَانَنَا بِهِ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ.‏

مَرْيَمُ تَزُورُ أَلِيصَابَاتَ

١٤،‏ ١٥ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ كَافَأَ يَهْوَهُ مَرْيَمَ حِينَ زَارَتْ أَلِيصَابَاتَ وَزَكَرِيَّا؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا نَسْتَخْلِصُ عَنْ مَرْيَمَ مِنْ كَلِمَاتِهَا ٱلْمُدَوَّنَةِ فِي لُوقَا ١:‏​٤٦-‏٥٥‏؟‏

١٤ تَأَثَّرَتْ مَرْيَمُ كَثِيرًا بِٱلْخَبَرِ ٱلَّذِي نَقَلَهُ جِبْرَائِيلُ بِشَأْنِ أَلِيصَابَاتَ.‏ فَمَنْ يَقْدِرُ بَيْنَ كُلِّ نِسَاءِ ٱلْعَالَمِ أَنْ يَتَفَهَّمَ حَالَتَهَا أَكْثَرَ مِنْ أَلِيصَابَاتَ؟‏!‏ لِذَا،‏ أَسْرَعَتْ بِٱلذَّهَابِ إِلَى ٱلْكُورَةِ ٱلْجَبَلِيَّةِ فِي يَهُوذَا،‏ وَهِيَ رِحْلَةٌ قَدْ تَسْتَغْرِقُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَرْبَعَةً.‏ وَحِينَ دَخَلَتْ بَيْتَ أَلِيصَابَاتَ وَزَكَرِيَّا ٱلْكَاهِنِ،‏ كَافَأَهَا يَهْوَهُ بِدَلِيلٍ قَاطِعٍ آخَرَ وَطَّدَ إِيمَانَهَا.‏ فَمَا إِنْ سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلَامَهَا حَتَّى ٱرْتَكَضَ ٱلْجَنِينُ بِٱبْتِهَاجٍ فِي رَحِمِهَا.‏ ثُمَّ ٱمْتَلَأَتْ رُوحًا قُدُسًا وَدَعَتْهَا «أُمَّ رَبِّي».‏ فَٱللهُ كَانَ قَدْ كَشَفَ لَهَا أَنَّ ٱبْنَ مَرْيَمَ سَيَكُونُ رَبَّهَا،‏ ٱلْمَسِيَّا.‏ وَأُوحِيَ إِلَيْهَا أَيْضًا أَنْ تَمْدَحَهَا عَلَى طَاعَتِهَا وَأَمَانَتِهَا،‏ قَائِلَةً:‏ «سَعِيدَةٌ هِيَ ٱلَّتِي آمَنَتْ».‏ (‏لو ١:‏​٣٩-‏٤٥‏)‏ فَكُلُّ ٱلْوُعُودِ ٱلَّتِي قَطَعَهَا يَهْوَهُ لِمَرْيَمَ كَانَتْ سَتَتَحَقَّقُ بِٱلتَّأْكِيدِ!‏

صَدَاقَةُ مَرْيَمَ وَأَلِيصَابَاتَ كَانَتْ بَرَكَةً لِكِلْتَيْهِمَا

١٥ تَفَوَّهَتْ مَرْيَمُ بِدَوْرِهَا بِكَلِمَاتٍ حَرِصَ يَهْوَهُ عَلَى حِفْظِهَا فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ.‏ ‏(‏اقرأ لوقا ١:‏​٤٦-‏٥٥‏.‏‏)‏ وَهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ هِيَ أَطْوَلُ أَقْوَالِهَا فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَتَكْشِفُ لَنَا ٱلْكَثِيرَ عَنْهَا.‏ فَقَدْ أَظْهَرَتْ مَرْيَمُ رُوحَ ٱلشُّكْرِ وَٱلتَّقْدِيرِ لِيَهْوَهَ حِينَ سَبَّحَتْهُ عَلَى ٱلِٱمْتِيَازِ ٱلَّذِي أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهَا أَنْ تَكُونَ أُمًّا لِلْمَسِيَّا.‏ وَبَرْهَنَتْ عَنْ عُمْقِ إِيمَانِهَا عِنْدَمَا قَالَتْ إِنَّ يَهْوَهَ يَحُطُّ ٱلْمُتَكَبِّرِينَ وَذَوِي ٱلنُّفُوذِ وَيُسَاعِدُ ٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْفُقَرَاءَ ٱلَّذِينَ يَسْعَوْنَ إِلَى خِدْمَتِهِ.‏ كَمَا دَلَّتْ كَلِمَاتُهَا عَلَى مَعْرِفَتِهَا ٱلْوَاسِعَةِ.‏ فَبِحَسَبِ أَحَدِ ٱلتَّقْدِيرَاتِ،‏ أَشَارَتْ أَكْثَرَ مِنْ ٢٠ مَرَّةً إِلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْعِبْرَانِيَّةِ.‏ *

١٦،‏ ١٧ ‏(‏أ)‏ أَيُّ رُوحٍ أَظْهَرَتْهَا مَرْيَمُ وَٱبْنُهَا يَحْسُنُ بِنَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نُعْرِبَ عَنْهَا؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ بَرَكَةٍ تُذَكِّرُنَا بِهَا زِيَارَةُ مَرْيَمَ لِأَلِيصَابَاتَ؟‏

١٦ مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ مَرْيَمَ ٱعْتَادَتِ ٱلتَّأَمُّلَ فِي كَلِمَةِ ٱللهِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ بَقِيَتْ مُتَوَاضِعَةً وَفَضَّلَتْ أَنْ تَدَعَ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ تَتَكَلَّمُ عَنْهَا عِوَضَ أَنْ تَأْتِيَ هِيَ بِأَفْكَارِهَا ٱلْخَاصَّةِ.‏ وَٱلْوَلَدُ ٱلَّذِي كَانَ يَنْمُو فِي أَحْشَائِهَا آنَذَاكَ تَحَلَّى لَاحِقًا بِهٰذِهِ ٱلرُّوحِ.‏ فَقَدْ قَالَ:‏ «مَا أُعَلِّمُهُ لَيْسَ لِي،‏ بَلْ لِلَّذِي أَرْسَلَنِي».‏ (‏يو ٧:‏١٦‏)‏ لِذَا يَحْسُنُ بِكُلٍّ مِنَّا أَنْ يَسْأَلَ نَفْسَهُ:‏ ‹هَلْ أُظْهِرُ مِثْلَ هٰذَا ٱلِٱحْتِرَامِ وَٱلتَّقْدِيرِ لِكَلِمَةِ ٱللهِ أَمْ أُفَضِّلُ أَفْكَارِي وَتَعَالِيمِي ٱلْخَاصَّةَ؟‏›.‏ إِنَّ مَوْقِفَ مَرْيَمَ مِنْ هٰذِهِ ٱلْمَسْأَلَةِ وَاضِحٌ جِدًّا.‏

١٧ مَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَ أَلِيصَابَاتَ نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ،‏ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُمَا تَبَادَلَتَا خِلَالَهَا ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلتَّشْجِيعِ.‏ (‏لو ١:‏٥٦‏)‏ وَهٰذِهِ ٱلرِّوَايَةُ ٱلْجَمِيلَةُ تُذَكِّرُنَا أَنَّ ٱلصَّدَاقَةَ بَرَكَةٌ رَائِعَةٌ.‏ فَحِينَ نُصَادِقُ أَشْخَاصًا يُحِبُّونَ إِلٰهَنَا يَهْوَهَ مَحَبَّةً حَقِيقِيَّةً،‏ نَنْمُو رُوحِيًّا وَنَقْتَرِبُ إِلَيْهِ أَكْثَرَ.‏ (‏ام ١٣:‏٢٠‏)‏ وَٱلْآنَ حَانَ ٱلْوَقْتُ لِتَعُودَ مَرْيَمُ إِلَى بَيْتِهَا.‏ فَمَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ يُوسُفَ حِينَ عَلِمَ أَنَّهَا حُبْلَى؟‏

مَرْيَمُ تُصَارِحُ يُوسُفَ

١٨ بِمَ صَارَحَتْ مَرْيَمُ خَطِيبَهَا يُوسُفَ،‏ وَكَيْفَ كَانَ رَدُّ فِعْلِهِ؟‏

١٨ مِنَ ٱلْمُرَجَّحِ أَنَّ مَرْيَمَ لَمْ تَنْتَظِرْ حَتَّى يَرَى ٱلنَّاسُ حَبَلَهَا لِتُخْبِرَ يُوسُفَ بِٱلْأَمْرِ.‏ وَمَعَ أَنَّهَا رُبَّمَا تَخَوَّفَتْ مِنْ رَدِّ فِعْلِهِ،‏ هُوَ ٱلرَّجُلُ ٱلتَّقِيُّ وَٱلْمُحْتَرَمُ بَيْنَ ٱلنَّاسِ،‏ أَطْلَعَتْهُ عَلَى كُلِّ مَا حَدَثَ مَعَهَا.‏ فَٱضْطَرَبَ ٱضْطِرَابًا شَدِيدًا كَمَا هُوَ مُتَوَقَّعٌ.‏ لَقَدْ أَرَادَ أَنْ يُصَدِّقَ حَبِيبَتَهُ،‏ لٰكِنَّ كَلَامَهَا يَدُلُّ أَنَّهَا خَانَتْهُ.‏ وَلَا يَذْكُرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ مَا جَالَ فِي فِكْرِهِ آنَذَاكَ أَوْ كَيْفَ حَلَّلَ ٱلْمَسْأَلَةَ.‏ لٰكِنَّهُ يَذْكُرُ أَنَّهُ قَرَّرَ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِأَنَّ ٱلْمَخْطُوبِينَ فِي ذٰلِكَ ٱلزَّمَانِ كَانُوا بِمَثَابَةِ مُتَزَوِّجِينَ.‏ وَبِمَا أَنَّهُ لَمْ يَشَأْ أَنْ يَلْحَقَ بِهَا أَيُّ عَارٍ أَوْ خِزْيٍ،‏ نَوَى أَنْ يُطَلِّقَهَا سِرًّا.‏ (‏مت ١:‏​١٨،‏ ١٩‏)‏ تَخَيَّلْ كَمْ تَأَلَّمَتْ مَرْيَمُ دُونَ شَكٍّ وَهِيَ تَرَى خَطِيبَهَا ٱللَّطِيفَ يَتَعَذَّبُ بِسَبَبِ هٰذَا ٱلْوَضْعِ ٱلْفَرِيدِ مِنْ نَوْعِهِ.‏ لٰكِنَّهَا لَمْ تَلُمْهُ أَوْ تَغْتَظْ مِنْهُ.‏

١٩ كَيْفَ سَاعَدَ يَهْوَهُ يُوسُفَ أَنْ يَفْعَلَ ٱلْأَمْرَ ٱلصَّائِبَ؟‏

١٩ سَاعَدَ يَهْوَهُ يُوسُفَ بِكُلِّ لُطْفٍ أَنْ يَفْعَلَ ٱلْأَمْرَ ٱلصَّائِبَ.‏ فَتَرَاءَى لَهُ مَلَاكُ ٱللهِ فِي حُلْمٍ وَأَكَّدَ لَهُ أَنَّ مَرْيَمَ حُبْلَى بِطَرِيقَةٍ عَجَائِبِيَّةٍ.‏ وَيَا لَلرَّاحَةِ ٱلَّتِي شَعَرَ بِهَا!‏ عِنْدَئِذٍ عَمِلَ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ تَوْجِيهِ يَهْوَهَ،‏ مِثْلَمَا فَعَلَتْ مَرْيَمُ مِنَ ٱلْبِدَايَةِ،‏ فَٱتَّخَذَهَا زَوْجَةً لَهُ وَٱسْتَعَدَّ لِحَمْلِ هٰذِهِ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ ٱلْمُنْقَطِعَةِ ٱلنَّظِيرِ:‏ اَلِٱعْتِنَاءِ بِٱبْنِ يَهْوَهَ.‏ —‏ مت ١:‏​٢٠-‏٢٤‏.‏

٢٠،‏ ٢١ مَاذَا يُمْكِنُ لِلْمُتَزَوِّجِينَ وَٱلَّذِينَ يُفَكِّرُونَ فِي ٱلزَّوَاجِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا مِنْ مَرْيَمَ وَيُوسُفَ؟‏

٢٠ يَحْسُنُ بِٱلْمُتَزَوِّجِينَ وَٱلَّذِينَ يُفَكِّرُونَ فِي ٱلزَّوَاجِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا دُرُوسًا مِنْ هٰذَيْنِ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلشَّابَّيْنِ ٱللَّذَيْنِ عَاشَا مُنْذُ ٢٬٠٠٠ سَنَةٍ.‏ فَفِيمَا كَانَ يُوسُفُ يَرَى زَوْجَتَهُ ٱلشَّابَّةَ تُتَمِّمُ وَاجِبَاتِهَا وَتَعْتَنِي بِعَائِلَتِهَا كَأُمٍّ،‏ شَعَرَ حَتْمًا بِٱلسَّعَادَةِ لِأَنَّ مَلَاكَ يَهْوَهَ أَرْشَدَهُ وَوَجَّهَ خُطُوَاتِهِ.‏ فَلَا بُدَّ أَنَّهُ أَدْرَكَ أَهَمِّيَّةَ ٱلِٱتِّكَالِ عَلَى يَهْوَهَ عِنْدَ ٱتِّخَاذِ ٱلْقَرَارَاتِ ٱلْمُهِمَّةِ.‏ (‏مز ٣٧:‏٥؛‏ ام ١٨:‏١٣‏)‏ وَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ ظَلَّ رَجُلًا لَطِيفًا يُرَاعِي مَشَاعِرَ زَوْجَتِهِ عِنْدَ ٱلْقِيَامِ بِدَوْرِهِ كَرَأْسٍ لِلْعَائِلَةِ.‏

٢١ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى،‏ مَاذَا نَسْتَخْلِصُ مِنْ قُبُولِ مَرْيَمَ ٱلتَّزَوُّجَ بِيُوسُفَ رَغْمَ شُكُوكِهِ فِيهَا؟‏ صَحِيحٌ أَنَّهُ ٱسْتَصْعَبَ فِي ٱلْبِدَايَةِ تَفَهُّمَ حَالَتِهَا،‏ لٰكِنَّهَا ٱنْتَظَرَتْ بِصَبْرٍ أَنْ يَأْخُذَ قَرَارَهُ فِي ٱلْمَسْأَلَةِ بِٱعْتِبَارِهِ رَأْسَ ٱلْعَائِلَةِ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.‏ وَهٰكَذَا تَعَلَّمَتْ أَهَمِّيَّةَ ٱلتَّحَلِّي بِٱلصَّبْرِ،‏ وَهُوَ دَرْسٌ قَيِّمٌ حَرِيٌّ بِكُلِّ ٱلنِّسَاءِ ٱلْمَسِيحِيَّاتِ ٱلْيَوْمَ أَنْ يَعْمَلْنَ بِهِ.‏ وَأَخِيرًا وَلَيْسَ آخِرًا،‏ لَا بُدَّ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْأَحْدَاثَ عَلَّمَتْ يُوسُفَ وَمَرْيَمَ كِلَيْهِمَا قِيمَةَ ٱلتَّوَاصُلِ ٱلصَّادِقِ وَٱلصَّرِيحِ.‏ —‏ اقرإ الامثال ١٥:‏٢٢‏.‏

٢٢ عَلَى أَيِّ أُسُسٍ بَنَى يُوسُفُ وَمَرْيَمُ زَوَاجَهُمَا،‏ وَمَاذَا كَانَ يَنْتَظِرُهُمَا؟‏

٢٢ لَقَدْ بَنَى هٰذَانِ ٱلزَّوْجَانِ ٱلشَّابَّانِ زَوَاجَهُمَا عَلَى أَمْتَنِ ٱلْأُسُسِ.‏ فَهُمَا أَحَبَّا يَهْوَهَ ٱللهَ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ شَخْصٍ أَوْ شَيْءٍ آخَرَ،‏ وَتَاقَا إِلَى إِرْضَائِهِ كَوَالِدَيْنِ يَتَّصِفَانِ بِٱلْمَحَبَّةِ وَيَتَحَلَّيَانِ بِحِسِّ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ.‏ طَبْعًا،‏ كَانَتْ تَنْتَظِرُهُمَا بَرَكَاتٌ عَظِيمَةٌ وَكَذٰلِكَ صُعُوبَاتٌ كَبِيرَةٌ.‏ فَيَكْفِي أَنَّهُمَا سَيُرَبِّيَانِ يَسُوعَ،‏ أَعْظَمَ إِنْسَانٍ عَرَفَهُ ٱلْعَالَمُ عَلَى مَرِّ ٱلتَّارِيخِ.‏

^ ‎الفقرة 15‏ مِنْ بَيْنِ هٰذِهِ ٱلْإِشَارَاتِ إِلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْعِبْرَانِيَّةِ،‏ ٱقْتَبَسَتْ مَرْيَمُ كَمَا يَتَّضِحُ مِنَ ٱلْمَرْأَةِ ٱلْأَمِينَةِ حَنَّةَ ٱلَّتِي بَارَكَهَا يَهْوَهُ هِيَ ٱلْأُخْرَى بِوَلَدٍ.‏ —‏ اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏صَلَاتَانِ لَافِتَتَانِ‏» فِي ٱلْفَصْلِ ٦.‏