الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

اَلْفَصْلُ ٱلْخَامِسُ

‏«امرأة فاضلة»‏

‏«امرأة فاضلة»‏

١،‏ ٢ ‏(‏أ)‏ مَا طَبِيعَةُ ٱلْعَمَلِ ٱلَّذِي قَامَتْ بِهِ رَاعُوثُ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا لَمَسَتْ رَاعُوثُ فِي شَرِيعَةِ يَهْوَهَ وَعُبَّادِهِ؟‏

جَثَتْ رَاعُوثُ بِجَانِبِ سَنَابِلِ ٱلشَّعِيرِ ٱلَّتِي لَمْلَمَتْهَا خِلَالَ ٱلنَّهَارِ.‏ كَانَ ٱلْمَسَاءُ يُرْخِي سَتَائِرَهُ عَلَى ٱلْحُقُولِ ٱلْمُحِيطَةِ بِبَيْتَ لَحْمَ،‏ وَعُمَّالٌ كَثِيرُونَ مَاضِينَ فِي طَرِيقِهِمْ إِلَى بَوَّابَةِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلْجَاثِمَةِ عَلَى مُرْتَفَعٍ مُجَاوِرٍ.‏ وَمَعَ أَنَّ ٱلتَّعَبَ أَخَذَ مِنْ رَاعُوثَ كُلَّ مَأْخَذٍ بَعْدَمَا كَدَحَتْ طَوَالَ ٱلْيَوْمِ تَحْتَ حَرِّ ٱلشَّمْسِ،‏ ٱنْكَبَّتْ عَلَى ٱلسَّنَابِلِ تَخْبِطُهَا بِمِدْرَسٍ يَدَوِيٍّ أَوْ عَصًا صَغِيرَةٍ لِتَفْصِلَ ٱلْحَبَّ عَنْهَا.‏ وَلٰكِنْ رَغْمَ تَعَبِهَا،‏ ٱعْتَبَرَتْ يَوْمَهَا مُوَفَّقًا وَأَفْضَلَ بِكَثِيرٍ مِمَّا كَانَتْ تَتَرَجَّى.‏

٢ تُرَى هَلْ بَدَأَتِ ٱلْحَيَاةُ تَبْتَسِمُ فِي وَجْهِ هٰذِهِ ٱلْأَرْمَلَةِ ٱلْمُوآبِيَّةِ ٱلشَّابَّةِ؟‏ فَكَمَا رَأَيْنَا فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ،‏ قَرَّرَتْ رَاعُوثُ مُرَافَقَةَ حَمَاتِهَا نُعْمِي آخِذَةً عَلَى نَفْسِهَا عَهْدًا أَنْ تَلْتَصِقَ بِهَا وَتَعْبُدَ إِلٰهَهَا يَهْوَهَ.‏ وَبَعْدَ رُجُوعِهِمَا مَحْزُونَتَيْنِ مِنْ مُوآبَ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ،‏ سُرْعَانَ مَا عَلِمَتْ أَنَّ شَرِيعَةَ يَهْوَهَ تَنُصُّ عَلَى تَدَابِيرَ عَمَلِيَّةٍ تَحْفَظُ كَرَامَةَ ٱلْفُقَرَاءِ فِي إِسْرَائِيلَ،‏ بِمَنْ فِيهِمِ ٱلْغُرَبَاءُ.‏ وَهَا هِيَ ٱلْآنَ تَرَى عُبَّادًا لِيَهْوَهَ يَعِيشُونَ بِمُقْتَضَى ٱلشَّرِيعَةِ ٱلَّتِي تَرَبَّوْا عَلَيْهَا وَيُعْرِبُونَ عَنْ نُضْجٍ رُوحِيٍّ وَلُطْفٍ فَائِقٍ مَسَّا قَلْبَهَا ٱلْجَرِيحَ.‏

٣،‏ ٤ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ شَجَّعَ بُوعَزُ رَاعُوثَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ يُسَاعِدُنَا مِثَالُ رَاعُوثَ فِي ٱلظُّرُوفِ ٱلِٱقْتِصَادِيَّةِ ٱلصَّعْبَةِ ٱلَّتِي نَعِيشُهَا ٱلْيَوْمَ؟‏

٣ وَأَحَدُ هٰؤُلَاءِ ٱلْعُبَّادِ هُوَ بُوعَزُ،‏ ٱلرَّجُلُ ٱلْمُسِنُّ ٱلْوَاسِعُ ٱلثَّرَاءِ ٱلَّذِي أَظْهَرَ لَهَا ٱهْتِمَامًا أَبَوِيًّا ٱلْيَوْمَ وَهِيَ تَلْتَقِطُ فِي حُقُولِهِ.‏ وَلَمْ يَسَعْهَا إِلَّا أَنْ تَبْتَسِمَ فِي سِرِّهَا حِينَ تَذَكَّرَتْ إِطْرَاءَهُ ٱللَّطِيفَ وَهُوَ يُثْنِي عَلَيْهَا لِٱهْتِمَامِهَا بِنُعْمِي وَٱحْتِمَائِهَا تَحْتَ جَنَاحَيِ ٱلْإِلٰهِ ٱلْحَقِيقِيِّ يَهْوَهَ.‏ —‏ اقرأ راعوث ٢:‏​١١-‏١٤‏.‏

٤ لٰكِنَّ ذٰلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنَّ رَاعُوثَ كَانَتْ قَلِقَةً عَلَى حَيَاتِهَا فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.‏ فَبِمَا أَنَّهَا غَرِيبَةٌ فَقِيرَةٌ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا وَلَدَ،‏ فَكَيْفَ لَهَا أَنْ تُعِيلَ نَفْسَهَا وَحَمَاتَهَا؟‏ أَيَكْفِي ٱللُّقَاطُ لِسَدِّ حَاجَاتِهِمَا؟‏ وَمَنْ سَيُعْنَى بِأَمْرِهَا هِيَ حِينَ تَتَقَدَّمُ بِهَا ٱلسِّنُونَ؟‏ لَيْسَ مُسْتَغْرَبًا أَنْ تَشْغَلَ بَالَهَا هَوَاجِسُ كَهٰذِهِ.‏ فَٱلْيَوْمَ أَيْضًا تُثْقِلُ هُمُومٌ مُمَاثِلَةٌ كَاهِلَ ٱلْكَثِيرِينَ نَظَرًا إِلَى ٱلظُّرُوفِ ٱلِٱقْتِصَادِيَّةِ ٱلصَّعْبَةِ ٱلَّتِي نَعِيشُهَا.‏ وَفِيمَا نَتَعَلَّمُ كَيْفَ تَخَطَّتْ رَاعُوثُ بِإِيمَانِهَا هٰذِهِ ٱلصُّعُوبَاتِ،‏ نَنْدَفِعُ إِلَى ٱلِٱقْتِدَاءِ بِهَا مِنْ نَوَاحٍ عَدِيدَةٍ.‏

مَاذَا يَجْعَلُ ٱلْعَائِلَةَ عَائِلَةً بِحَقٍّ؟‏

٥،‏ ٦ ‏(‏أ)‏ هَلْ تَوَفَّقَتْ رَاعُوثُ خِلَالَ ٱلْيَوْمِ ٱلْأَوَّلِ مِنِ ٱلْتِقَاطِهَا فِي حَقْلِ بُوعَزَ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِ نُعْمِي عِنْدَمَا رَأَتْ رَاعُوثَ؟‏

٥ عِنْدَمَا أَنْهَتْ رَاعُوثُ خَبْطَ ٱلسَّنَابِلِ وَجَمْعَ ٱلْحُبُوبِ،‏ تَبَيَّنَ أَنَّهَا ٱلْتَقَطَتْ نَحْوَ إِيفَةٍ (‏٢٢ لِتْرًا جَافًّا)‏ مِنَ ٱلشَّعِيرِ،‏ كَمِّيَّةً رُبَّمَا بَلَغَ وَزْنُهَا حَوَالَيْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ كِيلُوغْرَامًا.‏ فَحَمَلَتْهَا،‏ رُبَّمَا فِي صُرَّةٍ عَلَى رَأْسِهَا،‏ ثُمَّ تَوَجَّهَتْ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ فِيمَا أَخَذَ ٱللَّيْلُ يَبْسُطُ رِدَاءَهُ ٱلْمُظْلِمَ.‏ —‏ را ٢:‏١٧‏.‏

٦ سُرَّتْ نُعْمِي بِرُؤْيَةِ كَنَّتِهَا ٱلْحَبِيبَةِ،‏ وَلَعَلَّهَا شَهَقَتْ مُتَفَاجِئَةً حِينَ رَأَتْ حِمْلَهَا ٱلثَّقِيلَ.‏ كَانَتْ رَاعُوثُ قَدْ جَلَبَتْ أَيْضًا مَا فَضَلَ مِنَ ٱلطَّعَامِ ٱلَّذِي زَوَّدَهُ بُوعَزُ لِلْحَصَّادِينَ،‏ فَجَلَسَتِ ٱلِٱثْنَتَانِ تَتَنَاوَلَانِ وَجْبَةً مُتَوَاضِعَةً.‏ سَأَلَتْهَا نُعْمِي:‏ «أَيْنَ ٱلْتَقَطْتِ ٱلْيَوْمَ،‏ وَأَيْنَ عَمِلْتِ؟‏ لِيَتَبَارَكْ مَنِ ٱهْتَمَّ بِكِ!‏».‏ (‏را ٢:‏١٩‏)‏ كَانَتْ نُعْمِي شَدِيدَةَ ٱلْمُلَاحَظَةِ.‏ فَقَدِ ٱسْتَنْتَجَتْ مِنْ كَمِّيَّةِ ٱلشَّعِيرِ ٱلْكَبِيرَةِ ٱلَّتِي أَحْضَرَتْهَا رَاعُوثُ أَنَّ ثَمَّةَ مَنِ ٱهْتَمَّ بِهٰذِهِ ٱلْأَرْمَلَةِ ٱلشَّابَّةِ وَعَامَلَهَا بَلُطْفٍ.‏

٧،‏ ٨ ‏(‏أ)‏ حِينَ عَلِمَتْ نُعْمِي بِصَنِيعِ بُوعَزَ،‏ لِمَنْ أَرْجَعَتِ ٱلْفَضْلَ وَلِمَاذَا؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ ٱسْتَمَرَّتْ رَاعُوثُ تُعْرِبُ عَنْ مَحَبَّةٍ مَجْبُولَةٍ بِٱلْوَلَاءِ تِجَاهَ حَمَاتِهَا؟‏

٧ بَيْنَمَا رَاحَتِ ٱلِٱثْنَتَانِ تَتَسَامَرَانِ،‏ أَخْبَرَتْ رَاعُوثُ حَمَاتَهَا عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ ٱلَّذِي أَسْدَاهُ إِلَيْهَا بُوعَزُ.‏ فَتَأَثَّرَتْ نُعْمِي وَقَالَتْ:‏ «مُبَارَكٌ هُوَ مِنْ يَهْوَهَ،‏ ٱلَّذِي لَمْ يَتَخَلَّ عَنْ لُطْفِهِ ٱلْحُبِّيِّ نَحْوَ ٱلْأَحْيَاءِ وَٱلْأَمْوَاتِ».‏ (‏را ٢:‏٢٠‏)‏ فَقَدِ ٱعْتَبَرَتْ صَنِيعَ بُوعَزَ لُطْفًا مِنْ يَهْوَهَ ٱلَّذِي يَحُثُّ قُلُوبَ خُدَّامِهِ عَلَى ٱلسَّخَاءِ وَيَعِدُ بِمُكَافَأَتِهِمْ عَلَى إِحْسَانِهِمْ.‏ * —‏ اقرإ الامثال ١٩:‏١٧‏.‏

٨ بَعْدَئِذٍ،‏ شَجَّعَتْ نُعْمِي رَاعُوثَ عَلَى قُبُولِ عَرْضِ بُوعَزَ أَنْ تَلْتَقِطَ فِي حُقُولِهِ وَتُلَازِمَ فَتَيَاتِهِ،‏ خَدَمَ بَيْتِهِ،‏ لِئَلَّا يَتَعَرَّضَ لَهَا ٱلْحَصَّادُونَ.‏ فَأَخَذَتْ رَاعُوثُ بِٱلنَّصِيحَةِ.‏ كَمَا أَنَّهَا ظَلَّتْ ‹سَاكِنَةً مَعَ حَمَاتِهَا›.‏ (‏را ٢:‏​٢٢،‏ ٢٣‏)‏ وَبِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ،‏ تَبْرُزُ مُجَدَّدًا ٱلْعَلَامَةُ ٱلْفَارِقَةُ ٱلَّتِي تَمَيَّزَتْ بِهَا رَاعُوثُ:‏ اَلْمَحَبَّةُ ٱلْمَجْبُولَةُ بِٱلْوَلَاءِ.‏ وَمِثَالُهَا هٰذَا يَدْفَعُنَا أَنْ نَسْأَلَ أَنْفُسَنَا هَلْ نُقَدِّرُ رَوَابِطَنَا ٱلْعَائِلِيَّةَ وَنَحْتَرِمُ ٱلْتِزَامَاتِنَا تِجَاهَ أَحِبَّائِنَا،‏ فَنُعِيلُهُمْ وَنَدْعَمُهُمْ بِوَلَاءٍ وَنُقَدِّمُ لَهُمُ ٱلْمُسَاعَدَةَ عِنْدَ ٱلْحَاجَةِ.‏ فَيَهْوَهُ لَنْ يَغْفُلَ أَبَدًا عَنْ مَحَبَّتِنَا وَوَلَائِنَا.‏

يُعَلِّمُنَا مِثَالُ رَاعُوثَ وَنُعْمِي أَنْ نُقَدِّرَ عَائِلَتَنَا وَنَحْتَرِمَهَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً

٩ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ رَاعُوثَ وَنُعْمِي عَنْ مَفْهُومِ ٱلْعَائِلَةِ؟‏

٩ وَهَلْ يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ رَاعُوثَ وَنُعْمِيَ شَكَّلَتَا عَائِلَةً بِكُلِّ مَا لِلْكَلِمَةِ مِنْ مَعْنًى؟‏ يَرَى ٱلْبَعْضُ أَنَّ ٱلْعَائِلَةَ لَا تُعَدُّ عَائِلَةً بِحَقٍّ مَا لَمْ يَتَوَفَّرْ فِيهَا زَوْجٌ وَزَوْجَةٌ وَأَوْلَادٌ وَأَجْدَادٌ وَمَا إِلَى ذٰلِكَ.‏ لٰكِنَّ عَائِلَةَ رَاعُوثَ وَنُعْمِي تُؤَكِّدُ لَنَا أَنَّ بِإِمْكَانِ خُدَّامِ يَهْوَهَ أَنْ يَتَّحِدُوا فِي ٱلْمَحَبَّةِ وَيُشِيعُوا جَوًّا مِنَ ٱلدِّفْءِ وَٱللُّطْفِ وَٱلْمَوَدَّةِ فِي عَائِلَتِهِمْ حَتَّى لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً.‏ فَهَلْ تُقَدِّرُ عَائِلَتَكَ مَهْمَا كَانَ حَجْمُهَا؟‏ لَا تَنْسَ أَيْضًا مَا قَالَهُ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ إِنَّ ٱلْجَمَاعَةَ ٱلْمَسِيحِيَّةَ هِيَ عَائِلَةُ مَنْ لَا عَائِلَةَ لَهُ.‏ —‏ مر ١٠:‏​٢٩،‏ ٣٠‏.‏

تَعَاوَنَتْ رَاعُوثُ وَنُعْمِي وَتَبَادَلَتَا ٱلتَّشْجِيعَ

‏«‏هُوَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا»‏

١٠ أَيُّ أَمْرٍ شَغَلَ بَالَ نُعْمِي؟‏

١٠ دَاوَمَتْ رَاعُوثُ عَلَى ٱلِٱلْتِقَاطِ فِي حُقُولِ بُوعَزَ بَدْءًا مِنْ حَصَادِ ٱلشَّعِيرِ فِي نَيْسَانَ (‏إِبْرِيل)‏ حَتَّى حَصَادِ ٱلْحِنْطَةِ فِي حَزِيرَانَ (‏يُونْيُو)‏.‏ وَفِيمَا مَرَّتِ ٱلْأَسَابِيعُ،‏ لَا شَكَّ أَنَّ نُعْمِيَ فَكَّرَتْ مُطَوَّلًا كَيْفَ تُسَاعِدُ كَنَّتَهَا ٱلْعَزِيزَةَ.‏ فَخِلَالَ إِقَامَتِهِمَا فِي مُوآبَ،‏ كَانَتْ قَدْ قَطَعَتِ ٱلْأَمَلَ مِنْ تَزْوِيجِهَا مَرَّةً ثَانِيَةً.‏ (‏را ١:‏​١١-‏١٣‏)‏ أَمَّا ٱلْآنَ فَٱخْتَلَفَ ٱلْوَضْعُ.‏ لِذَا قَالَتْ لَهَا:‏ «يَا ٱبْنَتِي،‏ أَلَا أَطْلُبُ لَكِ مَكَانَ رَاحَةٍ؟‏».‏ (‏را ٣:‏١‏)‏ لَقَدْ جَرَتِ ٱلْعَادَةُ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ أَنْ يُدَبِّرَ ٱلْوَالِدُونَ رُفَقَاءَ زَوَاجٍ لِأَوْلَادِهِمْ.‏ وَبِمَا أَنَّ نُعْمِيَ ٱعْتَبَرَتْ رَاعُوثَ ٱبْنَتَهَا،‏ أَرَادَتْ أَنْ تَجِدَ لَهَا «مَكَانَ رَاحَةٍ»،‏ أَيِ ٱلطُّمَأْنِينَةَ وَٱلْحِمَايَةَ ٱللَّتَيْنِ يُفْتَرَضُ أَنْ تَنْعَمَ بِهِمَا فِي بَيْتِهَا ٱلزَّوْجِيِّ.‏ وَلٰكِنْ مَاذَا كَانَ فِي طَاقَةِ يَدِهَا أَنْ تَفْعَلَ لَهَا؟‏

١١،‏ ١٢ ‏(‏أ)‏ أَيُّ تَدْبِيرٍ حُبِّيٍّ فِي شَرِيعَةِ ٱللهِ أَشَارَتْ إِلَيْهِ نُعْمِي حِينَ قَالَتْ عَنْ بُوعَزَ:‏ «هُوَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا»؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ تَجَاوَبَتْ رَاعُوثُ مَعَ نَصِيحَةِ حَمَاتِهَا؟‏

١١ عِنْدَمَا أَتَتْ رَاعُوثُ عَلَى ذِكْرِ بُوعَزَ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ،‏ قَالَتْ نُعْمِي:‏ «اَلرَّجُلُ ذُو قَرَابَةٍ لَنَا.‏ وَهُوَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا».‏ (‏را ٢:‏٢٠‏)‏ فَمَاذَا عَنَتْ بِذٰلِكَ؟‏ تَضَمَّنَتِ ٱلشَّرِيعَةُ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا ٱللهُ لِإِسْرَائِيلَ تَدَابِيرَ حُبِّيَّةً لِلْعَائِلَاتِ ٱلَّتِي فُجِعَتْ أَوِ ٱفْتَقَرَتْ مِنْ غَدْرِ ٱلزَّمَانِ.‏ فَكَانَتِ ٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي تَتَرَمَّلُ قَبْلَ أَنْ تُنْجِبَ وَلَدًا تَحِلُّ بِهَا مُصِيبَةٌ كَبِيرَةٌ لِأَنَّ ذُرِّيَّةَ زَوْجِهَا تَنْقَطِعُ فَيَنْدَثِرُ ٱسْمُهُ مَدَى ٱلْأَجْيَالِ.‏ لٰكِنَّ شَرِيعَةَ ٱللهِ أَتَاحَتْ لِأَخِي ٱلْمَيِّتِ ٱلتَّزَوُّجَ بِأَرْمَلَةِ أَخِيهِ كَيْ تُنْجِبَ وَرِيثًا يَحْمِلُ ٱسْمَ زَوْجِهَا ٱلْمَيِّتِ وَيَهْتَمُّ بِكَافَّةِ أَمْلَاكِ ٱلْعَائِلَةِ.‏ * —‏ تث ٢٥:‏​٥-‏٧‏.‏

١٢ بِنَاءً عَلَيْهِ،‏ أَوْضَحَتْ نُعْمِي لِكَنَّتِهَا خُطَّتَهَا لِإِتْمَامِ هٰذَا ٱلزَّوَاجِ.‏ وَلَعَلَّ رَاعُوثَ فَغَرَتْ فَمَهَا مِنَ ٱلدَّهْشَةِ فِيمَا رَاحَتْ تَسْمَعُ كَلَامَ حَمَاتِهَا.‏ فَهِيَ لَمْ تَكُنْ مُلِمَّةً بَعْدُ بِشَرِيعَةِ إِسْرَائِيلَ وَلَا بِعَادَاتِهَا وَتَقَالِيدِهَا.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ دَفَعَهَا ٱحْتِرَامُهَا ٱلْعَمِيقُ لِنُعْمِي أَنْ تُصْغِيَ بِٱنْتِبَاهٍ إِلَى كُلِّ كَلِمَةٍ.‏ وَمَعَ أَنَّ مَا نَصَحَتْهَا بِهِ بَدَا صَعْبًا أَوْ مُحْرِجًا،‏ وَرُبَّمَا مُخْزِيًا أَيْضًا،‏ وَافَقَتْ عَلَى كَلَامِهَا قَائِلَةً بِتَوَاضُعٍ:‏ «كُلُّ مَا قُلْتِ لِي أَفْعَلُهُ».‏ —‏ را ٣:‏٥‏.‏

١٣ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ رَاعُوثَ عَنِ ٱلْعَمَلِ بِنَصِيحَةِ ٱلْأَكْبَرِ سِنًّا؟‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا أَيُّوب ١٢:‏١٢‏.‏)‏

١٣ أَحْيَانًا،‏ يَصْعُبُ عَلَى ٱلَّذِينَ فِي سِنِّ ٱلشَّبَابِ ٱلْعَمَلُ بِنَصِيحَةِ ٱلْأَكْبَرِ سِنًّا وَٱلْأَكْثَرِ خِبْرَةً،‏ مُفْتَرِضِينَ أَنَّ ٱلْجِيلَ ٱلْقَدِيمَ لَا يَفْهَمُ حَقًّا ٱلتَّحَدِّيَاتِ وَٱلْمَشَاكِلَ ٱلَّتِي يُوَاجِهُهَا ٱلْجِيلُ ٱلْجَدِيدُ.‏ غَيْرَ أَنَّ مِثَالَ رَاعُوثَ ٱلْمُتَوَاضِعَةِ يُعَلِّمُنَا أَنَّ ٱلْإِصْغَاءَ إِلَى حِكْمَةِ ٱلْأَكْبَرِ سِنًّا ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَنَا وَيَهْتَمُّونَ بِمَصْلَحَتِنَا يَعُودُ عَلَيْنَا بِفَوَائِدَ جَمَّةٍ.‏ ‏(‏اقرإ المزمور ٧١:‏​١٧،‏ ١٨‏.‏‏)‏ وَلٰكِنْ مَاذَا كَانَتْ مَشُورَةُ نُعْمِي لِكَنَّتِهَا،‏ وَكَيْفَ ٱسْتَفَادَتْ رَاعُوثُ مِنْ تَطْبِيقِهَا؟‏

رَاعُوثُ فِي ٱلْبَيْدَرِ

١٤ مَا هُوَ ٱلْبَيْدَرُ،‏ وَمَاذَا كَانَ يُنْجَزُ فِيهِ؟‏

١٤ فِي ذٰلِكَ ٱلْمَسَاءِ تَوَجَّهَتْ رَاعُوثُ إِلَى ٱلْبَيْدَرِ،‏ وَهُوَ بُقْعَةٌ مُنْبَسِطَةٌ مَرْصُوصَةٌ يَقْصِدُهَا ٱلْمُزَارِعُونَ لِدَرْسِ ٱلْحُبُوبِ وَتَذْرِيَتِهَا.‏ وَيَقَعُ ٱلْبَيْدَرُ عَادَةً عَلَى تَلَّةٍ أَوْ فِي سَفْحِهَا حَيْثُ يَهُبُّ ٱلنَّسِيمُ قَوِيًّا عِنْدَ ٱلْعَصْرِ وَفِي أَوَّلِ ٱلْمَسَاءِ.‏ وَلِفَصْلِ ٱلْحُبُوبِ عَنِ ٱلْعُصَافَةِ وَٱلتِّبْنِ،‏ يُلْقِي ٱلْحَصَّادُ ٱلْحُبُوبَ فِي ٱلْهَوَاءِ مُسْتَخْدِمًا مِذْرَاةً أَوْ رَفْشًا كَبِيرًا.‏ فَتَسُوقُ ٱلرِّيحُ بَعِيدًا ٱلْعُصَافَةَ ٱلْخَفِيفَةَ ٱلْوَزْنِ،‏ فِي حِينِ تَقَعُ ٱلْحُبُوبُ ٱلْأَثْقَلُ أَرْضًا.‏

١٥،‏ ١٦ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ يَكُونُ ٱلْبَيْدَرُ عِنْدَ ٱلْمَسَاءِ،‏ وَمَاذَا فَعَلَ بُوعَزُ فِي نِهَايَةِ يَوْمِهِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ ٱكْتَشَفَ بُوعَزُ أَنَّ رَاعُوثَ مُضْطَجِعَةٌ عِنْدَ قَدَمَيْهِ؟‏

١٥ رَاقَبَتْ رَاعُوثُ ٱلْبَيْدَرَ دُونَ أَنْ تَلْفِتَ ٱلْأَنْظَارَ فِيمَا أَخَذَتْ وَتِيرَةُ ٱلْعَمَلِ تَخِفُّ شَيْئًا فَشَيْئًا.‏ كَانَ بُوعَزُ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى تَذْرِيَةِ ٱلْحُبُوبِ وَكَدْسِهَا كَوْمَةً كَبِيرَةً.‏ فَأَكَلَ وَشَبِعَ ثُمَّ تَمَدَّدَ عِنْدَ طَرَفِ كُدْسِ ٱلْحُبُوبِ.‏ لَقَدْ كَانَ ٱلنَّوْمُ بِجَانِبِ ٱلْمَحْصُولِ عَادَةً شَائِعَةً كَمَا يَتَّضِحُ رُبَّمَا لِحِمَايَةِ ٱلْغَلَّةِ ٱلثَّمِينَةِ مِنَ ٱللُّصُوصِ وَٱلنَّاهِبِينَ.‏ وَعِنْدَمَا رَأَتْ رَاعُوثُ بُوعَزَ يَخْلُدُ إِلَى ٱلنَّوْمِ،‏ عَرَفَتْ أَنَّ ٱلْوَقْتَ حَانَ لِتَنْفِيذِ خُطَّةِ نُعْمِي.‏

١٦ فَٱقْتَرَبَتْ مِنْهُ خُلْسَةً وَدَقَّاتُ قَلْبِهَا تَتَسَارَعُ.‏ كَانَ وَاضِحًا أَنَّ ٱلرَّجُلَ مُسْتَغْرِقٌ فِي ٱلنَّوْمِ.‏ فَكَشَفَتْ جِهَةَ قَدَمَيْهِ وَٱضْطَجَعَتْ عِنْدَهُمَا مِثْلَمَا أَوْصَتْهَا نُعْمِي،‏ ثُمَّ رَاحَتْ تَنْتَظِرُ.‏ مَرَّ ٱلْوَقْتُ بَطِيئًا حَتَّى خَالَتْهُ رَاعُوثُ دَهْرًا.‏ وَأَخِيرًا نَحْوَ مُنْتَصَفِ ٱللَّيْلِ،‏ بَدَأَ بُوعَزُ يَتَقَلَّبُ فِي نَوْمِهِ.‏ ثُمَّ ٱسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَرْتَعِشُ مِنَ ٱلْبَرْدِ.‏ وَلَعَلَّهُ كَانَ يَهُمُّ بِتَغْطِيَةِ رِجْلَيْهِ حِينَ شَعَرَ بِوُجُودِ شَخْصٍ مَا.‏ تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ:‏ «اِلْتَفَتَ وَإِذَا بِٱمْرَأَةٍ مُضْطَجِعَةٍ عِنْدَ قَدَمَيْهِ!‏».‏ —‏ را ٣:‏٨‏.‏

١٧ أَيَّةُ حَقِيقَتَيْنِ مُهِمَّتَيْنِ يَتَجَاهَلُهُمَا ٱلَّذِينَ يَرَوْنَ إِيحَاءَاتٍ جِنْسِيَّةً فِي مَا فَعَلَتْهُ وَقَالَتْهُ رَاعُوثُ؟‏

١٧ سَأَلَ بُوعَزُ:‏ «مَنْ أَنْتِ؟‏».‏ فَأَجَابَتْ رَاعُوثُ رُبَّمَا بِصَوْتٍ مُرْتَجِفٍ:‏ «أَنَا رَاعُوثُ أَمَتُكَ،‏ فَٱبْسُطْ ذَيْلَ ثَوْبِكَ عَلَى أَمَتِكَ،‏ لِأَنَّكَ وَلِيٌّ».‏ (‏را ٣:‏٩‏)‏ يَرَى بَعْضُ ٱلْمُفَسِّرِينَ ٱلْعَصْرِيِّينَ أَنَّ مَا فَعَلَتْهُ وَقَالَتْهُ رَاعُوثُ يَحْمِلُ إِيحَاءَاتٍ جِنْسِيَّةً.‏ لٰكِنَّهُمْ يَتَجَاهَلُونَ حَقِيقَتَيْنِ مُهِمَّتَيْنِ.‏ أَوَّلًا،‏ تَصَرَّفَتْ رَاعُوثُ ٱنْسِجَامًا مَعَ عَادَاتِ ذٰلِكَ ٱلزَّمَنِ،‏ عَادَاتٍ نَسْتَغْرِبُ ٱلْكَثِيرَ مِنْهَا فِي أَيَّامِنَا هٰذِهِ.‏ لِذَا مِنَ ٱلْخَطَإِ أَنْ نَنْظُرَ إِلَى تَصَرُّفِهَا نَظْرَةً تُشَوِّهُهَا ٱلْمَقَايِيسُ ٱلْأَدَبِيَّةُ ٱلْمُنْحَطَّةُ ٱلْيَوْمَ.‏ وَثَانِيًا،‏ تَجَاوَبَ بُوعَزُ بِطَرِيقَةٍ تُبَيِّنُ أَنَّهُ ٱعْتَبَرَ سُلُوكَهَا عَفِيفًا يَسْتَحِقُّ كُلَّ ثَنَاءٍ.‏

سَعَتْ رَاعُوثُ لِلِقَاءِ بُوعَزَ بِنِيَّةٍ سَلِيمَةٍ وَدَافِعٍ غَيْرِ أَنَانِيٍّ

١٨ كَيْفَ هَدَّأَ بُوعَزُ مِنْ رَوْعِ رَاعُوثَ،‏ وَمَاذَا قَصَدَ حِينَ قَالَ إِنَّهَا صَنَعَتْ لُطْفًا حُبِّيًّا فِي «ٱلْأَوَّلِ» وَ «ٱلْأَخِيرِ»؟‏

١٨ قَالَ بُوعَزُ لِرَاعُوثَ بِنَغْمَةِ صَوْتٍ رَقِيقَةٍ هَدَّأَتْ رَوْعَهَا:‏ «بَارَكَكِ يَهْوَهُ يَا ٱبْنَتِي!‏ لِأَنَّ مَا صَنَعْتِهِ مِنْ لُطْفٍ حُبِّيٍّ فِي ٱلْأَخِيرِ خَيْرٌ مِنَ ٱلْأَوَّلِ،‏ إِذْ لَمْ تَذْهَبِي وَرَاءَ ٱلشُّبَّانِ،‏ فُقَرَاءَ كَانُوا أَوْ أَغْنِيَاءَ».‏ (‏را ٣:‏١٠‏)‏ فَفِي «ٱلْأَوَّلِ»،‏ أَعْرَبَتْ رَاعُوثُ عَنْ مَحَبَّةٍ مَجْبُولَةٍ بِٱلْوَلَاءِ حِينَ رَجَعَتْ مَعَ نُعْمِي إِلَى إِسْرَائِيلَ وَٱهْتَمَّتْ بِهَا.‏ وَفِي «ٱلْأَخِيرِ»،‏ أَظْهَرَتْ لُطْفًا حُبِّيًّا بِٱسْتِعْدَادِهَا لِلزَّوَاجِ مِنْ رَجُلٍ مُسِنٍّ.‏ لَقَدْ عَرَفَ بُوعَزُ أَنَّ شَابَّةً مِثْلَهَا سَتُفَكِّرُ دُونَ رَيْبٍ بِعَرِيسٍ شَابٍّ،‏ فَقِيرًا كَانَ أَوْ غَنِيًّا.‏ لٰكِنَّ رَاعُوثَ لَمْ تُرِدْ أَنْ تُحْسِنَ إِلَى نُعْمِي فَقَطْ بَلْ إِلَى حَمِيهَا ٱلْمَيِّتِ أَيْضًا،‏ بِإِنْجَابِ وَرِيثٍ لَهُ يَحْمِلُ ٱسْمَهُ بَيْنَ أَهْلِ مَوْطِنِهِ.‏ فَلَا عَجَبَ أَنَّ بُوعَزَ تَأَثَّرَ بِعَدَمِ أَنَانِيَّتِهَا.‏

١٩،‏ ٢٠ ‏(‏أ)‏ لِمَاذَا لَمْ يَتَزَوَّجْ بُوعَزُ بِرَاعُوثَ عَلَى ٱلْفَوْرِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ أَظْهَرَ بُوعَزُ لُطْفًا لِرَاعُوثَ وَمُرَاعَاةً لِسُمْعَتِهَا؟‏

١٩ أَرْدَفَ بُوعَزُ:‏ «وَٱلْآنَ لَا تَخَافِي يَا ٱبْنَتِي.‏ كُلُّ مَا تَقُولِينَ أَفْعَلُهُ لَكِ،‏ لِأَنَّ كُلَّ ٱلشَّعْبِ فِي بَابِ ٱلْمَدِينَةِ يَعْلَمُ أَنَّكِ ٱمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ».‏ (‏را ٣:‏١١‏)‏ رَاقَتْ لِبُوعَزَ فِكْرَةُ ٱلزَّوَاجِ بِرَاعُوثَ،‏ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَتَفَاجَأْ كَثِيرًا حِينَ طَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ وَلِيَّهَا.‏ لٰكِنَّهُ كَانَ رَجُلًا بَارًّا،‏ فَلَمْ يُعْطِ ٱلْأَوْلَوِيَّةَ لِأَهْوَائِهِ وَرَغَبَاتِهِ.‏ فَقَدْ أَخْبَرَ رَاعُوثَ أَنَّ هُنَاكَ وَلِيًّا آخَرَ أَقْرَبَ مِنْهُ إِلَى عَائِلَةِ زَوْجِ نُعْمِي ٱلْمَيِّتِ،‏ وَأَنَّهُ سَيَتَحَدَّثُ إِلَيْهِ أَوَّلًا بِشَأْنِ أَحَقِّيَّتِهِ فِي ٱلزَّوَاجِ بِهَا.‏

اِكْتَسَبَتْ رَاعُوثُ صِيتًا حَسَنًا لِأَنَّهَا عَامَلَتِ ٱلْآخَرِينَ بِلُطْفٍ وَٱحْتِرَامٍ

٢٠ بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ طَلَبَ مِنْهَا أَنْ تَسْتَلْقِيَ مُجَدَّدًا وَتَنَامَ حَتَّى يَلُوحَ ٱلْفَجْرُ،‏ ثُمَّ تَعُودَ خِفْيَةً إِلَى بَيْتِهَا.‏ فَقَدْ كَانَ حَرِيصًا عَلَى سُمْعَتِهَا وَسُمْعَتِهِ هُوَ أَيْضًا لِئَلَّا يَظُنَّ أَحَدٌ خَطَأً أَنَّهُمَا أَقَامَا عَلَاقَةً جِنْسِيَّةً.‏ فَعَمِلَتْ رَاعُوثُ بِكَلَامِهِ وَٱضْطَجَعَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ،‏ وَهِيَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أَقَلُّ تَوَتُّرًا لِأَنَّهُ لَطَفَ بِهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا خَائِبَةً.‏ وَقَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ ٱلصُّبْحُ،‏ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ بَعْدَمَا كَالَ لَهَا فِي مِعْطَفِهَا كَمِّيَّةً وَافِرَةً مِنَ ٱلشَّعِيرِ.‏ —‏ اقرأ راعوث ٣:‏​١٣-‏١٥‏.‏

٢١ لِمَ عُرِفَتْ رَاعُوثُ بِأَنَّهَا «ٱمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ»،‏ وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِهَا؟‏

٢١ كَمْ شَعَرَتْ رَاعُوثُ بِٱلسَّعَادَةِ دُونَ شَكٍّ حِينَ ٱسْتَذْكَرَتْ كَلِمَاتِ بُوعَزَ أَنَّهَا «ٱمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ» بِشَهَادَةِ ٱلْجَمِيعِ!‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ سَعْيَهَا ٱلدَّؤُوبَ إِلَى ٱلتَّعَرُّفِ بِيَهْوَهَ وَخِدْمَتِهِ أَسْهَمَ إِلَى حَدٍّ بَعِيدٍ فِي ٱكْتِسَابِهَا هٰذَا ٱلصِّيتَ.‏ هٰذَا عَدَا عَنْ أَنَّهَا أَظْهَرَتْ مَحَبَّةً شَدِيدَةً وَمُرَاعَاةً كَبِيرَةً لِنُعْمِي وَشَعْبِهَا،‏ فَتَكَيَّفَتْ طَوْعًا مَعَ عَادَاتِهِمْ وَأَعْرَافِهِمِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَتْمًا غَرِيبَةً عَنْهَا.‏ فَإِذَا ٱقْتَدَيْنَا بِإِيمَانِ رَاعُوثَ،‏ نُظْهِرُ نَحْنُ أَيْضًا ٱحْتِرَامًا عَمِيقًا لِلْآخَرِينَ وَلِعَادَاتِهِمْ وَتَقَالِيدِهِمْ.‏ فَنَبْنِي صِيتًا حَسَنًا بَيْنَهُمْ وَنُعْرَفُ بِأَخْلَاقِنَا ٱلْفَاضِلَةِ.‏

رَاعُوثُ تَجِدُ مَكَانَ رَاحَةٍ

٢٢،‏ ٢٣ ‏(‏أ)‏ عَلَامَ رُبَّمَا دَلَّتِ ٱلْهَدِيَّةُ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا بُوعَزُ لِرَاعُوثَ؟‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْحَاشِيَةَ.‏)‏ (‏ب)‏ بِمَاذَا نَصَحَتْ نُعْمِي كَنَّتَهَا؟‏

٢٢ سَأَلَتْ نُعْمِي لَدَى وُصُولِ رَاعُوثَ إِلَى ٱلْبَيْتِ:‏ «مَنْ أَنْتِ يَا ٱبْنَتِي؟‏».‏ يُحْتَمَلُ أَنَّ ٱلظُّلْمَةَ حَالَتْ دُونَ أَنْ تُمَيِّزَ نُعْمِي كَنَّتَهَا.‏ لٰكِنَّهَا أَرَادَتْ أَيْضًا أَنْ تَسْتَعْلِمَ هَلْ عَادَتْ رَاعُوثُ أَدْرَاجَهَا أَرْمَلَةً غَيْرَ مُرْتَبِطَةٍ مِثْلَمَا ذَهَبَتْ،‏ أَمْ إِنَّهَا ٱلْآنَ تَعْقِدُ ٱلْآمَالَ عَلَى زَوَاجٍ قَرِيبٍ.‏ فَقَصَّتْ رَاعُوثُ عَلَى حَمَاتِهَا فَوْرًا كُلَّ مَا جَرَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ بُوعَزَ،‏ وَأَعْطَتْهَا ٱلشَّعِيرَ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ إِلَيْهَا هَدِيَّةً.‏ * —‏ را ٣:‏​١٦،‏ ١٧‏.‏

٢٣ عِنْدَئِذٍ،‏ ٱرْتَأَتْ نُعْمِي أَلَّا تَتَّخِذَ رَاعُوثُ خُطْوَةً أُخْرَى وَنَصَحَتْهَا أَلَّا تَخْرُجَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ لِتَلْتَقِطَ فِي ٱلْحُقُولِ.‏ وَأَكَّدَتْ لَهَا قَائِلَةً:‏ «اَلرَّجُلُ لَنْ يَسْتَرِيحَ حَتَّى يُنْهِيَ ٱلْأَمْرَ ٱلْيَوْمَ».‏ —‏ را ٣:‏١٨‏.‏

٢٤،‏ ٢٥ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ بَرْهَنَ بُوعَزُ أَنَّهُ رَجُلٌ شَهْمٌ وَبَعِيدٌ كُلَّ ٱلْبُعْدِ عَنِ ٱلْأَنَانِيَّةِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ بَارَكَ يَهْوَهُ رَاعُوثَ؟‏

٢٤ أَصَابَتْ نُعْمِي فِي رَأْيِهَا بِشَأْنِ بُوعَزَ.‏ فَقَدْ صَعِدَ إِلَى بَابِ ٱلْمَدِينَةِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ شُيُوخُهَا عَادَةً،‏ وَٱنْتَظَرَ مُرُورَ ٱلْوَلِيِّ ٱلْأَقْرَبِ.‏ ثُمَّ حَثَّهُ أَمَامَ شُهُودٍ أَنْ يَقُومَ بِدَوْرِهِ كَوَلِيٍّ وَيَتَزَوَّجَ رَاعُوثَ.‏ إِلَّا أَنَّ ٱلرَّجُلَ رَفَضَ مُدَّعِيًا أَنَّ ذٰلِكَ يُفْسِدُ مِيرَاثَهُ.‏ إِذَّاكَ،‏ أَعْلَنَ بُوعَزُ أَمَامَ ٱلشُّهُودِ عِنْدَ بَابِ ٱلْمَدِينَةِ أَنَّهُ سَيَكُونُ ٱلْوَلِيَّ،‏ فَيَشْتَرِي أَمْلَاكَ زَوْجِ نُعْمِي ٱلْمَيِّتِ،‏ أَلِيمَالِكَ،‏ وَيَتَزَوَّجُ بِرَاعُوثَ،‏ أَرْمَلَةِ ٱبْنِهِ مَحْلُونَ،‏ آمِلًا أَنْ ‹يُقِيمَ ٱسْمَ ٱلْمَيِّتِ عَلَى مِيرَاثِهِ›.‏ (‏را ٤:‏​١-‏١٠‏)‏ وَهٰكَذَا بَرْهَنَ بُوعَزُ أَنَّهُ رَجُلٌ شَهْمٌ وَبَعِيدٌ كُلَّ ٱلْبُعْدِ عَنِ ٱلْأَنَانِيَّةِ.‏

٢٥ وَبَعْدَمَا تَزَوَّجَ بُوعَزُ بِرَاعُوثَ،‏ «أَعْطَاهَا يَهْوَهُ حَبَلًا وَوَلَدَتِ ٱبْنًا» حَسْبَمَا يَذْكُرُ ٱلسِّجِلُّ.‏ فَبَارَكَتْ نِسَاءُ بَيْتَ لَحْمَ نُعْمِيَ وَمَدَحْنَ رَاعُوثَ لِأَنَّهَا كَانَتْ لِحَمَاتِهَا خَيْرًا مِنْ سَبْعَةِ أَبْنَاءٍ.‏ وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ،‏ أَصْبَحَ ٱبْنُ رَاعُوثَ أَحَدَ أَسْلَافِ ٱلْمَلِكِ ٱلْعَظِيمِ دَاوُدَ.‏ (‏را ٤:‏​١١-‏٢٢‏)‏ وَدَاوُدُ بِدَوْرِهِ كَانَ سَلَفًا لِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ.‏ —‏ مت ١:‏١‏.‏ *

بَارَكَ يَهْوَهُ رَاعُوثَ بِٱمْتِيَازِ أَنْ تُصْبِحَ مِنْ أَسْلَافِ ٱلْمَسِيَّا

٢٦ أَيُّ ثِقَةٍ تَتَوَلَّدُ فِينَا حِينَ نَتَأَمَّلُ فِي حَيَاةِ رَاعُوثَ وَنُعْمِي؟‏

٢٦ لَقَدْ حَظِيَتْ رَاعُوثُ بِبَرَكَةِ يَهْوَهَ،‏ وَكَذٰلِكَ نُعْمِي ٱلَّتِي لَعِبَتْ دَوْرًا فِي تَرْبِيَةِ ٱلْوَلَدِ كَمَا لَوْ أَنَّهُ مِنْ صُلْبِهَا.‏ وَحَيَاةُ هَاتَيْنِ ٱلْمَرْأَتَيْنِ تَمْلَأُنَا ثِقَةً أَنَّ يَهْوَهَ ٱللهَ يَرَى كُلَّ ٱلَّذِينَ يَكْدَحُونَ فِي أَعْمَالٍ مُتَوَاضِعَةٍ لِإِعَالَةِ خَاصَّتِهِمْ وَيَخْدُمُونَهُ بِوَلَاءٍ بَيْنَ صُفُوفِ شَعْبِهِ.‏ وَهُوَ يُكَافِئُ دُونَ شَكٍّ كُلَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْأُمَنَاءِ أَمْثَالَ بُوعَزَ وَنُعْمِي وَرَاعُوثَ.‏

^ ‎الفقرة 7‏ كَمَا ذَكَرَتْ نُعْمِي،‏ لَا يَقْتَصِرُ لُطْفُ يَهْوَهَ عَلَى ٱلْأَحْيَاءِ،‏ بَلْ يَشْمُلُ ٱلْأَمْوَاتَ أَيْضًا.‏ فَنُعْمِي خَسِرَتْ زَوْجَهَا وَٱبْنَيْهَا،‏ وَرَاعُوثُ فَقَدَتْ زَوْجَهَا.‏ وَلَا بُدَّ أَنَّ ٱلرِّجَالَ ٱلثَّلَاثَةَ كَانُوا أَعِزَّاءَ جِدًّا عَلَى قَلْبِهِمَا كِلْتَيْهِمَا.‏ لِذَا فَإِنَّ أَيَّ إِحْسَانٍ إِلَيْهِمَا كَانَ فِي ٱلْوَاقِعِ مَعْرُوفًا يُسْدَى إِلَى هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ كَانَ سَيُسِرُّهُمْ أَنْ تَلْقَى نُعْمِي وَرَاعُوثُ ٱلْغَالِيَتَانِ كُلَّ رِعَايَةٍ وَٱهْتِمَامٍ.‏

^ ‎الفقرة 11‏ إِنَّ حَقَّ ٱلزَّوَاجِ بِٱلْأَرْمَلَةِ أُعْطِيَ أَوَّلًا كَمَا يَتَّضِحُ لِإِخْوَةِ ٱلرَّجُلِ ٱلْمَيِّتِ ثُمَّ لِأَقْرِبَائِهِ ٱلْأَقْرَبِينَ،‏ شَأْنُهُ فِي ذٰلِكَ شَأْنُ ٱلْحَقِّ فِي ٱلْمِيرَاثِ.‏ —‏ عد ٢٧:‏​٥-‏١١‏.‏

^ ‎الفقرة 22‏ أَعْطَى بُوعَزُ رَاعُوثَ سِتَّةَ أَكْيَالٍ وَزْنُهَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ.‏ وَرُبَّمَا دَلَّ ذٰلِكَ أَنَّهُ مِثْلَمَا تَنْتَهِي أَيَّامُ ٱلْعَمَلِ ٱلسِّتَّةُ بِسَبْتِ رَاحَةٍ،‏ كَذٰلِكَ مَشَقَّةُ رَاعُوثَ كَأَرْمَلَةٍ كَانَتْ سَتَنْتَهِي قَرِيبًا ‹بِٱلرَّاحَةِ› ٱلَّتِي يُوَفِّرُهَا بَيْتٌ آمِنٌ وَزَوْجٌ مُحِبٌّ.‏ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى،‏ يُحْتَمَلُ أَنَّ ٱلْأَكْيَالَ ٱلسِّتَّةَ،‏ رُبَّمَا مِلْءَ سِتَّةِ رُفُوشٍ مِنَ ٱلشَّعِيرِ،‏ كَانَتْ كُلَّ مَا تَسْتَطِيعُ رَاعُوثُ حَمْلَهُ.‏

^ ‎الفقرة 25‏ رَاعُوثُ وَاحِدَةٌ مِنْ خَمْسِ نِسْوَةٍ يَأْتِي ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَلَى ذِكْرِهِنَّ فِي سِلْسِلَةِ نَسَبِ يَسُوعَ.‏ وَبَيْنَهُنَّ أَيْضًا رَاحَابُ ٱلَّتِي كَانَتْ أُمَّ بُوعَزَ.‏ (‏مت ١:‏​٣،‏ ٥،‏ ٦،‏ ١٦‏)‏ وَهِيَ ٱلْأُخْرَى لَمْ تَكُنْ إِسْرَائِيلِيَّةً.‏