الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

اَلْفَصْلُ ٱلسَّابِعُ

كان «يكبر وهو مع يهوه»‏

كان «يكبر وهو مع يهوه»‏

١،‏ ٢ فِي أَيِّ مُنَاسَبَةٍ ٱجْتَمَعَ صَمُوئِيلُ بِأُمَّةِ إِسْرَائِيلَ،‏ وَلِمَ لَزِمَ أَنْ يَدْفَعَهُمْ إِلَى ٱلتَّوْبَةِ؟‏

اِحْتَشَدَتِ ٱلْأُمَّةُ فِي مَدِينَةِ ٱلْجِلْجَالِ تَلْبِيَةً لِدَعْوَةِ ٱلرَّجُلِ ٱلْأَمِينِ صَمُوئِيلَ ٱلَّذِي خَدَمَ نَبِيًّا وَقَاضِيًا عَشَرَاتِ ٱلسِّنِينَ.‏ حَدَثَ ذٰلِكَ فِي فَصْلِ ٱلْجَفَافِ،‏ فِي شَهْرِ أَيَّارَ أَوْ حَزِيرَانَ (‏مَايُو أَوْ يُونْيُو)‏ بِحَسَبِ تَقْوِيمِنَا ٱلْعَصْرِيِّ،‏ حِينَ كَانَتِ ٱلْحُقُولُ تَتَزَيَّنُ بِسَنَابِلِ ٱلْقَمْحِ ٱلذَّهَبِيَّةِ مُعْلِنَةً مَوْسِمَ ٱلْحَصَادِ.‏ أَخَذَ صَمُوئِيلُ يَتَطَلَّعُ فِي وُجُوهِ ٱلشَّعْبِ وَٱلسُّكُونُ مُخَيِّمٌ عَلَيْهِمْ.‏ تُرَى،‏ كَيْفَ لَهُ أَنْ يَمَسَّ قُلُوبَهُمْ؟‏

٢ لَمْ يُدْرِكِ ٱلشَّعْبُ مَدَى خُطُورَةِ ٱلْوَضْعِ.‏ فَقَدْ أَصَرُّوا أَنْ يَحْكُمَهُمْ مَلِكٌ بَشَرِيٌّ،‏ وَلَمْ يَعُوا أَنَّ طَلَبَهُمْ هٰذَا لَهُوَ ٱزْدِرَاءٌ فَاضِحٌ بِإِلٰهِهِمْ وَنَبِيِّهِ.‏ فَهُمْ فِي ٱلْوَاقِعِ كَانُوا يَرْفُضُونَ يَهْوَهَ مَلِكًا عَلَيْهِمْ.‏ فَكَيْفَ يُمْكِنُ لِصَمُوئِيلَ أَنْ يَدْفَعَهُمْ إِلَى ٱلتَّوْبَةِ؟‏

يُعَلِّمُنَا صَمُوئِيلُ فِي صِبَاهُ ٱلْكَثِيرَ عَنْ بِنَاءِ إِيمَانِنَا بِيَهْوَهَ رَغْمَ ٱلتَّأْثِيرَاتِ ٱلسَّيِّئَةِ حَوْلَنَا

٣،‏ ٤ ‏(‏أ)‏ لِمَ أَتَى صَمُوئِيلُ عَلَى ذِكْرِ سَنَوَاتِ صِبَاهُ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ يُفِيدُنَا ٱلْيَوْمَ مِثَالُ صَمُوئِيلَ فِي ٱلْإِيمَانِ؟‏

٣ قَالَ صَمُوئِيلُ لِلْجَمْعِ:‏ «شِخْتُ وَشِبْتُ».‏ وَشَيْبَتُهُ هٰذِهِ أَعْطَتْ وَزْنًا لِكَلَامِهِ.‏ ثُمَّ تَابَعَ:‏ «قَدْ سِرْتُ أَمَامَكُمْ مُنْذُ صِبَايَ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ».‏ (‏١ صم ١١:‏​١٤،‏ ١٥؛‏ ١٢:‏٢‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّهُ بَاتَ مُسِنًّا،‏ لٰكِنَّهُ لَمْ يَنْسَ أَيَّامَ صِبَاهُ.‏ بَلْ بَقِيَتْ ذِكْرَيَاتُ تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ حَيَّةً فِي ذِهْنِهِ.‏ فَٱلْقَرَارَاتُ ٱلَّتِي ٱتَّخَذَهَا فِي سَنَوَاتِهِ ٱلْغَضَّةِ أَدَّتْ بِهِ إِلَى ٱلْعَيْشِ حَيَاةً تَتَّسِمُ بِٱلْإِيمَانِ وَٱلتَّعَبُّدِ لِإِلٰهِهِ يَهْوَهَ.‏

٤ لَقَدْ وَجَبَ عَلَى صَمُوئِيلَ أَنْ يُنَمِّيَ وَيَصُونَ إِيمَانَهُ لِأَنَّهُ كَانَ مُحَاطًا فِي أَحْيَانٍ كَثِيرَةٍ بِأُنَاسٍ يَفْتَقِرُونَ إِلَى ٱلْإِيمَانِ وَٱلْوَلَاءِ.‏ اَلْيَوْمَ أَيْضًا،‏ لَيْسَ مِنَ ٱلسَّهْلِ عَلَيْنَا تَنْمِيَةُ ٱلْإِيمَانِ لِأَنَّنَا نَعِيشُ وَسْطَ عَالَمٍ كَافِرٍ وَفَاسِدٍ.‏ ‏(‏اقرأ لوقا ١٨:‏٨‏.‏‏)‏ فَلْنَرَ مَاذَا عَسَانَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِ صَمُوئِيلَ بِٱلْعَوْدَةِ أَوَّلًا إِلَى سَنَوَاتِ صِبَاهُ.‏

‏«خَدَمَ أَمَامَ يَهْوَهَ،‏ وَهُوَ صَبِيٌّ»‏

٥،‏ ٦ كَيْفَ كَانَتْ طُفُولَةُ صَمُوئِيلَ ٱسْتِثْنَائِيَّةً،‏ وَلِمَ كَانَ وَالِدَاهُ عَلَى ثِقَةٍ أَنَّهُ سَيَلْقَى ٱلِٱهْتِمَامَ فِي شِيلُوهَ؟‏

٥ عَاشَ صَمُوئِيلُ طُفُولَةً ٱسْتِثْنَائِيَّةً.‏ فَبُعَيْدَ فِطَامِهِ،‏ رُبَّمَا بِعُمْرِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ بِقَلِيلٍ،‏ بَاشَرَ حَيَاةً مُكَرَّسَةً لِلْخِدْمَةِ فِي مَسْكَنِ يَهْوَهَ ٱلْمُقَدَّسِ فِي شِيلُوهَ ٱلَّتِي تَبْعُدُ أَكْثَرَ مِنْ ٣٠ كلم عَنْ بَيْتِهِ فِي ٱلرَّامَةِ.‏ فَوَالِدَاهُ أَلْقَانَةُ وَحَنَّةُ قَدَّمَاهُ لِيَهْوَهَ نَذِيرًا مَدَى حَيَاتِهِ كَيْ يَخْدُمَهُ خِدْمَةً خُصُوصِيَّةً.‏ * وَلٰكِنْ هَلْ عَنَى ذٰلِكَ أَنَّهُمَا تَخَلَّيَا عَنْهُ وَمَا عَادَا يُحِبَّانِهِ؟‏

٦ كَلَّا عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ!‏ فَقَدْ عَرَفَا أَنَّ ٱبْنَهُمَا سَيَلْقَى ٱلِٱهْتِمَامَ فِي شِيلُوهَ.‏ فَرَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ عَالِي كَانَ سَيَحْرِصُ عَلَى ذٰلِكَ حَتْمًا إِذْ إِنَّ صَمُوئِيلَ عَمِلَ مَعَهُ عَنْ كَثَبٍ.‏ هٰذَا عَدَا عَنْ وُجُودِ عَدَدٍ مِنَ ٱلنِّسَاءِ ٱللَّوَاتِي يَخْدُمْنَ فِي ٱلْمَسْكَنِ خِدْمَةً مُنَظَّمَةً عَلَى مَا يَتَّضِحُ.‏ —‏ خر ٣٨:‏٨؛‏ قض ١١:‏​٣٤-‏٤٠‏.‏

٧،‏ ٨ ‏(‏أ)‏ أَيُّ تَشْجِيعٍ حُبِّيٍّ نَالَهُ صَمُوئِيلُ مِنْ وَالِدَيْهِ سَنَةً تِلْوَ ٱلْأُخْرَى؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا يُمْكِنُ لِلْوَالِدِينَ ٱلْيَوْمَ أَنْ يَتَعَلَّمُوا مِنْ أَبَوَيْ صَمُوئِيلَ؟‏

٧ عِلَاوَةً عَلَى ذٰلِكَ،‏ كَيْفَ لِأَلْقَانَةَ وَحَنَّةَ أَنْ يَنْسَيَا بِكْرَهُمَا ٱلْحَبِيبَ ٱلَّذِي رُزِقَا بِهِ ٱسْتِجَابَةً لِصَلَاةِ أُمِّهِ؟‏ فَحَنَّةُ ٱلْتَمَسَتْ مِنَ ٱللهِ أَنْ تُنْجِبَ ٱبْنًا وَوَعَدَتْهُ أَنْ تُكَرِّسَهُ لَهُ كَيْ يَخْدُمَهُ خِدْمَةً مُقَدَّسَةً طَوَالَ حَيَاتِهِ.‏ وَكَانَتْ حِينَ تَزُورُهُ كُلَّ سَنَةٍ،‏ تَأْتِيهِ بِجُبَّةٍ جَدِيدَةٍ صَنَعَتْهَا هِيَ بِنَفْسِهَا لِيَلْبَسَهَا خِلَالَ خِدْمَتِهِ فِي ٱلْمَسْكَنِ.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ ٱلصَّبِيَّ ٱلصَّغِيرَ فَرِحَ بِزِيَارَاتِ وَالِدَيْهِ وَقَدَّرَهَا.‏ فَهُمَا أَمَدَّاهُ بِٱلتَّشْجِيعِ وَٱلْإِرْشَادِ ٱلْحُبِّيَّيْنِ،‏ فِيمَا كَانَا يُعَلِّمَانِهِ أَنَّ خِدْمَةَ يَهْوَهَ فِي ذٰلِكَ ٱلْمَكَانِ ٱلْفَرِيدِ ٱمْتِيَازٌ لَا يُقَدَّرُ بِثَمَنٍ.‏

٨ وَٱلْيَوْمَ،‏ يُمْكِنُ لِلْوَالِدِينَ أَنْ يَتَعَلَّمُوا ٱلْكَثِيرَ مِنْ حَنَّةَ وَأَلْقَانَةَ.‏ فَمِنَ ٱلشَّائِعِ أَنْ يُرَكِّزَ ٱلْآبَاءُ كُلَّ جُهُودِهِمْ عَلَى ٱلِٱهْتِمَامِ بِأَوْلَادِهِمْ مَادِّيًّا،‏ مُتَجَاهِلِينَ حَاجَاتِهِمِ ٱلرُّوحِيَّةَ.‏ أَمَّا وَالِدَا صَمُوئِيلَ فَوَضَعَا ٱلْأُمُورَ ٱلرُّوحِيَّةَ فِي ٱلْمَقَامِ ٱلْأَوَّلِ،‏ ٱلْأَمْرُ ٱلَّذِي تَرَكَ أَثَرًا بَالِغًا فِي شَخْصِيَّةِ وَلَدِهِمَا فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.‏ —‏ اقرإ الامثال ٢٢:‏٦‏.‏

٩،‏ ١٠ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ كَانَ ٱلْمَسْكَنُ وَمَا هِيَ مَشَاعِرُ صَمُوئِيلَ ٱلصَّغِيرِ حِيَالَ هٰذَا ٱلْمَكَانِ ٱلْمُقَدَّسِ؟‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْحَاشِيَةَ.‏)‏ (‏ب)‏ أَيُّ عَمَلٍ قَامَ بِهِ صَمُوئِيلُ،‏ وَكَيْفَ لِمَنْ هُمْ فِي مِثْلِ سِنِّهِ ٱلْيَوْمَ أَنْ يَقْتَدُوا بِمِثَالِهِ؟‏

٩ تَخَيَّلِ ٱلصَّبِيَّ صَمُوئِيلَ يَكْبُرُ وَيَجُوبُ ٱلتِّلَالَ ٱلْعَالِيَةَ ٱلْمُحِيطَةَ بِشِيلُوهَ.‏ هَا هُوَ يَقِفُ عَلَى إِحْدَاهَا لِيَنْظُرَ ٱلْمَدِينَةَ وَٱلْوَادِيَ ٱلْمُمْتَدَّ عِنْدَ إِحْدَى جِهَاتِهَا،‏ فَيَطْفَحُ قَلْبُهُ فَرَحًا وَٱعْتِزَازًا حِينَ يَقَعُ بَصَرُهُ عَلَى مَسْكَنِ يَهْوَهَ.‏ لَكَمْ هُوَ مُقَدَّسٌ هٰذَا ٱلْمَكَانُ!‏ * فَقَدْ أَشْرَفَ مُوسَى عَلَى بِنَائِهِ قَبْلَ نَحْوِ ٤٠٠ سَنَةٍ،‏ وَهُوَ ٱلْمَرْكَزُ ٱلْوَحِيدُ لِعِبَادَةِ يَهْوَهَ ٱلنَّقِيَّةِ فِي كُلِّ ٱلْأَرْضِ.‏

١٠ نَمَتْ فِي قَلْبِ صَمُوئِيلَ مَحَبَّةٌ لِلْمَسْكَنِ.‏ نَقْرَأُ فِي ٱلرِّوَايَةِ ٱلَّتِي كَتَبَهَا لَاحِقًا:‏ «كَانَ صَمُوئِيلُ يَخْدُمُ أَمَامَ يَهْوَهَ،‏ وَهُوَ صَبِيٌّ،‏ وَكَانَ مُتَمَنْطِقًا بِأَفُودٍ مِنْ كَتَّانٍ».‏ (‏١ صم ٢:‏١٨‏)‏ إِنَّ ٱلْأَفُودَ ثَوْبٌ بَسِيطٌ بِلَا كُمَّيْنِ دَلَّ كَمَا يَتَّضِحُ أَنَّ صَمُوئِيلَ يُسَاعِدُ ٱلْكَهَنَةَ فِي ٱلْمَسْكَنِ.‏ فَرَغْمَ أَنَّهُ لَمْ يَنْتَمِ إِلَى صَفِّ ٱلْكَهَنُوتِ،‏ تَوَلَّى مُهِمَّاتٍ شَمَلَتْ فَتْحَ ٱلْبَابِ ٱلْمُؤَدِّي إِلَى دَارِ ٱلْمَسْكَنِ صَبَاحًا وَخِدْمَةَ عَالِي ٱلْمُسِنِّ.‏ صَحِيحٌ أَنَّهُ فَرِحَ كَثِيرًا بِٱمْتِيَازَاتِهِ هٰذِهِ،‏ وَلٰكِنْ مَعَ ٱلْوَقْتِ وَجَدَ ٱلْقَلَقُ وَٱلْحُزْنُ سَبِيلًا إِلَى قَلْبِهِ ٱلْبَرِيءِ.‏ فَثَمَّةَ أَمْرٌ مُرِيعٌ كَانَ يَحْدُثُ فِي بَيْتِ يَهْوَهَ.‏

حَافَظَ عَلَى طَهَارَتِهِ فِي وَجْهِ ٱلْفَسَادِ

١١،‏ ١٢ ‏(‏أ)‏ أَيُّ عَيْبٍ خَطِيرٍ طَبَعَ شَخْصِيَّةَ حُفْنِي وَفِينْحَاسَ؟‏ (‏ب)‏ أَيَّةُ شُرُورٍ وَمَفَاسِدَ ٱرْتَكَبَهَا حُفْنِي وَفِينْحَاسُ فِي ٱلْمَسْكَنِ؟‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْحَاشِيَةَ.‏)‏

١١ شَهِدَ صَمُوئِيلُ فِي سِنٍّ بَاكِرَةٍ شُرُورًا وَمَفَاسِدَ فَظِيعَةً.‏ فَقَدْ كَانَ لِعَالِي ٱبْنَانِ ٱسْمُهُمَا حُفْنِي وَفِينْحَاسُ.‏ وَحَسْبَمَا تُقُولُ رِوَايَةُ صَمُوئِيلَ:‏ «كَانَ ٱبْنَا عَالِي رَجُلَيْنِ لَا خَيْرَ فِيهِمَا،‏ وَلَا يُقَدِّرَانِ يَهْوَهَ».‏ (‏١ صم ٢:‏١٢‏)‏ يَتَضَمَّنُ هٰذَا ٱلْعَدَدُ فِكْرَتَيْنِ مُتَرَابِطَتَيْنِ.‏ فَقَدْ كَانَ حُفْنِي وَفِينْحَاسُ «رَجُلَيْنِ لَا خَيْرَ فِيهِمَا» —‏ حَرْفِيًّا «ٱبْنَيِ ٱلْبُطْلِ» —‏ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُكِنَّا أَيَّ ٱحْتِرَامٍ لِيَهْوَهَ.‏ فَهُمَا لَمْ يَأْبَهَا بِمَقَايِيسِهِ وَمَطَالِبِهِ ٱلْبَارَّةِ.‏ وَهٰذَا ٱلْعَيْبُ ٱلْخَطِيرُ كَانَ أَصْلَ خَطَايَاهُمَا ٱلْأُخْرَى.‏

١٢ مَثَلًا،‏ حَدَّدَتْ شَرِيعَةُ ٱللهِ بِدِقَّةٍ وَاجِبَاتِ ٱلْكَهَنَةِ وَكَيْفَ يُقَرِّبُونَ ٱلذَّبَائِحَ فِي ٱلْمَسْكَنِ.‏ وَثَمَّةَ سَبَبٌ وَجِيهٌ لِذٰلِكَ.‏ فَٱلذَّبَائِحُ مَثَّلَتْ تَدَابِيرَ ٱللهِ لِمَغْفِرَةِ خَطَايَا ٱلنَّاسِ حَتَّى يَكُونُوا أَطْهَارًا فِي عَيْنَيْهِ وَجَدِيرِينَ بِنَيْلِ بَرَكَتِهِ وَتَوْجِيهِهِ.‏ لٰكِنَّ حُفْنِيَ وَفِينْحَاسَ حَمَلَا ٱلْكَهَنَةَ ٱلْآخَرِينَ عَلَى ٱلِٱسْتِهَانَةِ بِٱلْقَرَابِينِ.‏ *

١٣،‏ ١٤ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ تَأَثَّرَ حَتْمًا مُرْتَادُو ٱلْمَسْكَنِ بِٱلشُّرُورِ ٱلَّتِي ٱرْتُكِبَتْ فِيهِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ أَخْفَقَ عَالِي فِي إِتْمَامِ دَوْرِهِ كَأَبٍ وَرَئِيسِ كَهَنَةٍ؟‏

١٣ تَخَيَّلْ صَمُوئِيلَ ٱلصَّغِيرَ يُرَاقِبُ مَصْعُوقًا تِلْكَ ٱلْإِسَاءَاتِ ٱلشَّنِيعَةَ ٱلَّتِي تَوَاصَلَتْ دُونَ أَيِّ رَادِعٍ.‏ كَمْ مِنَ ٱلْأَشْخَاصِ رَآهُمْ يَقْتَرِبُونَ إِلَى ٱلْمَسْكَنِ ٱلْمُقَدَّسِ —‏ مِنْ فُقَرَاءَ وَمُتَوَاضِعِينَ وَبَائِسِينَ —‏ رَاجِينَ أَنْ يَسْتَمِدُّوا ٱلتَّعْزِيَةَ وَٱلْقُوَّةَ ٱلرُّوحِيَّةَ،‏ إِنَّمَا عَادُوا أَدْرَاجَهُمْ خَائِبِينَ مَجْرُوحِينَ مَذْلُولِينَ!‏ وَمَا أَصْعَبَ ٱلْمَشَاعِرَ ٱلَّتِي ٱعْتَرَتْهُ حِينَ عَلِمَ أَنَّ حُفْنِيَ وَفِينْحَاسَ تَجَاهَلَا أَيْضًا شَرِيعَةَ يَهْوَهَ حَوْلَ ٱلْفَسَادِ ٱلْأَدَبِيِّ ٱلْجِنْسِيِّ فَضَاجَعَا نِسَاءً يَخْدُمْنَ فِي ٱلْمَسْكَنِ!‏ (‏١ صم ٢:‏٢٢‏)‏ لَرُبَّمَا أَمَلَ صَمُوئِيلُ أَنْ يَتَدَخَّلَ وَالِدُهُمَا وَيَضَعَ حَدًّا لِهٰذِهِ ٱلِٱنْتِهَاكَاتِ.‏

لَا شَكَّ أَنَّ صَمُوئِيلَ تَضَايَقَ بِشِدَّةٍ حِينَ رَأَى شُرُورَ ٱبْنَيْ عَالِي

١٤ فَعَالِي كَانَ خَيْرَ مَنْ بِإِمْكَانِهِ إِصْلَاحُ هٰذَا ٱلْوَضْعِ ٱلْمُتَفَاقِمِ.‏ فَبِٱعْتِبَارِهِ رَئِيسَ كَهَنَةٍ،‏ وَقَعَتْ عَلَى عَاتِقِهِ مَسْؤُولِيَّةُ مَا يَجْرِي فِي ٱلْمَسْكَنِ.‏ وَبِصِفَتِهِ أَبًا،‏ وَجَبَ عَلَيْهِ تَقْوِيمُ ٱبْنَيْهِ ٱللَّذَيْنِ كَانَا يُلْحِقَانِ ٱلْأَذِيَّةَ بِنَفْسَيْهِمَا وَبِعَدَدٍ لَا يُحْصَى مِنَ ٱلشَّعْبِ.‏ لٰكِنَّ عَالِيَ أَخْفَقَ فِي إِتْمَامِ دَوْرِهِ كَأَبٍ وَرَئِيسِ كَهَنَةٍ.‏ فَقَدْ تَرَاخَى فِي تَوْبِيخِهِمَا،‏ وَلَمْ يَكُنْ حَازِمًا أَلْبَتَّةَ.‏ ‏(‏اقرأ ١ صموئيل ٢:‏​٢٣-‏٢٥‏.‏‏)‏ فَٱبْنَاهُ كَانَا بِحَاجَةٍ إِلَى تَأْدِيبٍ صَارِمٍ جِدًّا لِٱقْتِرَافِهِمَا خَطَايَا تَسْتَوْجِبُ ٱلْمَوْتَ.‏

١٥ أَيُّ رِسَالَةٍ قَوِيَّةٍ بَعَثَ بِهَا يَهْوَهُ إِلَى عَالِي،‏ وَمَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ عَائِلَتِهِ حِيَالَ ٱلتَّحْذِيرِ؟‏

١٥ اِسْتَمَرَّ ٱلْوَضْعُ يَزْدَادُ سُوءًا إِلَى حَدِّ أَنَّ يَهْوَهَ أَرْسَلَ إِلَى عَالِي رِسَالَةَ دَيْنُونَةٍ قَوِيَّةً مَعَ نَبِيٍّ غَيْرِ مَذْكُورٍ بِٱلِٱسْمِ يُشَارُ إِلَيْهِ بِعِبَارَةِ «رَجُلُ ٱللهِ».‏ قَالَ يَهْوَهُ لِعَالِي:‏ «أَكْرَمْتَ ٱبْنَيْكَ عَلَيَّ».‏ وَأَنْبَأَ أَنَّهُمَا سَيَمُوتَانِ مَعًا فِي ٱلْيَوْمِ نَفْسِهِ وَأَنَّ عَائِلَةَ عَالِي سَتُعَانِي ٱلْأَمَرَّيْنِ وَتَخْسَرُ أَيْضًا ٱمْتِيَازَهَا فِي صَفِّ ٱلْكَهَنُوتِ.‏ فَهَلْ غَيَّرَ هٰذَا ٱلتَّحْذِيرُ ٱلْقَوِيُّ مَوْقِفَ ٱلْعَائِلَةِ ٱلْخَاطِئَ؟‏ لَا نَقْرَأُ فِي ٱلسِّجِلِّ شَيْئًا مِنْ هٰذَا ٱلْقَبِيلِ.‏ —‏ ١ صم ٢:‏٢٧–‏٣:‏١‏.‏

١٦ ‏(‏أ)‏ أَيَّةُ أَخْبَارٍ حُلْوَةٍ نَقْرَأُهَا عَنْ تَقَدُّمِ صَمُوئِيلَ ٱلصَّغِيرِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ تُؤَثِّرُ فِيكَ عَلَاقَةُ صَمُوئِيلَ بِيَهْوَهَ؟‏

١٦ وَكَيْفَ أَثَّرَ كُلُّ هٰذَا ٱلْفَسَادِ فِي صَمُوئِيلَ ٱلصَّغِيرِ؟‏ بَيْنَ ٱلْفَيْنَةِ وَٱلْفَيْنَةِ،‏ يُومِضُ فِي هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةِ ٱلْحَالِكَةِ شُعَاعُ نُورٍ حِينَ نَقْرَأُ فِيهَا أَخْبَارًا حُلْوَةً عَنْ نُمُوِّ صَمُوئِيلَ وَتَقَدُّمِهِ.‏ فَٱلسِّجِلُّ يَذْكُرُ فِي ١ صَمُوئِيل ٢:‏١٨ أَنَّهُ «خَدَمَ أَمَامَ يَهْوَهَ،‏ وَهُوَ صَبِيٌّ»،‏ مُعْرِبًا عَنْ أَمَانَةٍ لَافِتَةٍ.‏ فَحَتَّى فِي تِلْكَ ٱلسِّنِّ ٱلْبَاكِرَةِ،‏ جَعَلَ حَيَاتَهُ تَتَمَحْوَرُ حَوْلَ خِدْمَةِ ٱللهِ.‏ وَفِي ٱلْعَدَدِ ٢١ مِنَ ٱلْإِصْحَاحِ نَفْسِهِ،‏ نَقْرَأُ أَيْضًا هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمُؤَثِّرَةَ:‏ «كَانَ صَمُوئِيلُ ٱلصَّبِيُّ يَكْبَرُ وَهُوَ مَعَ يَهْوَهَ».‏ فَفِيمَا كَانَ يَنْمُو،‏ قَوِيَ ٱلرِّبَاطُ ٱلَّذِي يَجْمَعُهُ بِأَبِيهِ ٱلسَّمَاوِيِّ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ ٱلْعَلَاقَةَ ٱلْحَمِيمَةَ بِيَهْوَهَ هِيَ أَفْضَلُ حِمَايَةٍ مِنْ كُلِّ أَشْكَالِ ٱلْفَسَادِ.‏

١٧،‏ ١٨ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ يُمْكِنُ لِلشَّبَابِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ أَنْ يَقْتَدُوا بِصَمُوئِيلَ حِينَ يُحَاطُونَ بِٱلْفَسَادِ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ صَمُوئِيلَ ٱخْتَارَ ٱلْمَسْلَكَ ٱلصَّائِبَ؟‏

١٧ كَانَ سَهْلًا عَلَى صَمُوئِيلَ أَنْ يُفَكِّرَ:‏ ‹مَا دَامَ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱبْنَاهُ قَدِ ٱسْتَسْلَمُوا لِلْخَطِيَّةِ،‏ فَمَا ٱلْمَانِعُ أَنْ أَفْعَلَ مَا يَحْلُو لِي؟‏!‏›.‏ إِلَّا أَنَّ فَسَادَ ٱلْآخَرِينَ،‏ بِمَنْ فِيهِمِ ٱلْأَكْبَرُ سِنًّا وَٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ ٱلْمَسْؤُولِيَّاتِ،‏ لَيْسَ عُذْرًا أَبَدًا لِلْوُقُوعِ فِي ٱلْخَطِيَّةِ.‏ وَٱلْيَوْمَ،‏ يَقْتَدِي ٱلْكَثِيرُ مِنَ ٱلشُّبَّانِ وَٱلشَّابَّاتِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ بِصَمُوئِيلَ،‏ ‹فَيَكْبَرُونَ وَهُمْ مَعَ يَهْوَهَ›،‏ حَتَّى حِينَ يَفْشَلُ بَعْضُ ٱلَّذِينَ حَوْلَهُمْ فِي رَسْمِ مِثَالٍ حَسَنٍ.‏

١٨ وَإِلَامَ أَدَّى مَسْلَكُ صَمُوئِيلَ؟‏ نَقْرَأُ:‏ «طَوَالَ هٰذَا ٱلْوَقْتِ كَانَ ٱلصَّبِيُّ صَمُوئِيلُ يَكْبُرُ وَيَصِيرُ مُحَبَّبًا أَكْثَرَ عِنْدَ يَهْوَهَ وَٱلنَّاسِ».‏ (‏١ صم ٢:‏٢٦‏)‏ فَقَدْ كَانَ مَحْبُوبًا أَقَلُّهُ عِنْدَ ٱلَّذِينَ رَأْيُهُمْ مُهِمٌّ فِي نَظَرِهِ.‏ وَيَهْوَهُ نَفْسُهُ أَعَزَّ هٰذَا ٱلصَّبِيَّ بِسَبَبِ أَمَانَتِهِ.‏ وَلَا رَيْبَ أَنَّ صَمُوئِيلَ عَرَفَ أَنَّ إِلٰهَهُ سَيَتَّخِذُ إِجْرَاءً ضِدَّ كُلِّ ٱلشُّرُورِ ٱلَّتِي تُصْنَعُ فِي شِيلُوهَ.‏ لٰكِنَّهُ رُبَّمَا تَسَاءَلَ مَتَى يَحْدُثُ ذٰلِكَ.‏ وَذَاتَ لَيْلَةٍ،‏ وَجَدَ ٱلْجَوَابَ عَنْ هٰذَا ٱلسُّؤَالِ.‏

‏«تَكَلَّمْ،‏ فَإِنَّ خَادِمَكَ يَسْمَعُ»‏

١٩،‏ ٢٠ ‏(‏أ)‏ مَاذَا حَدَثَ مَعَ صَمُوئِيلَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي ٱلْمَسْكَنِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ عَرَفَ صَمُوئِيلُ مَصْدَرَ ٱلصَّوْتِ،‏ وَكَيْفَ عَامَلَ عَالِيَ؟‏

١٩ قُبَيْلَ طُلُوعِ ٱلْفَجْرِ،‏ فِيمَا ٱلضَّوْءُ ٱلْمُنْبَعِثُ مِنَ ٱلسِّرَاجِ ٱلْكَبِيرِ فِي ٱلْخَيْمَةِ يَرْتَجِفُ فِي ٱلظَّلَامِ،‏ شَقَّ ٱلسُّكُونَ صَوْتٌ يُنَادِي صَمُوئِيلَ بِٱسْمِهِ.‏ وَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ عَالِي ٱلَّذِي تَقَدَّمَتْ بِهِ ٱلْأَيَّامُ وَبَاتَ كَلِيلَ ٱلْبَصَرِ،‏ نَهَضَ وَ «رَكَضَ» نَحْوَهُ.‏ تَصَوَّرْهُ يُسْرِعُ إِلَيْهِ حَافِيَ ٱلْقَدَمَيْنِ لِيَعْرِفَ حَاجَتَهُ.‏ أَوَلَيْسَ مُؤَثِّرًا أَنَّهُ عَامَلَ عَالِيَ بِكُلِّ لُطْفٍ وَٱحْتِرَامٍ؟‏!‏ فَهُوَ كَانَ لَا يَزَالُ رَئِيسَ كَهَنَةِ يَهْوَهَ رَغْمَ خَطَايَاهُ.‏ —‏ ١ صم ٣:‏​٢-‏٥‏.‏

٢٠ أَيْقَظَ صَمُوئِيلُ عَالِيَ قَائِلًا:‏ «هٰأَنَذَا،‏ فَقَدْ نَادَيْتَنِي».‏ لٰكِنَّ عَالِيَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَعُودَ إِلَى ٱلْفِرَاشِ.‏ وَإِذَا بِٱلْأَمْرِ نَفْسِهِ يَتَكَرَّرُ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً!‏ فَعَرَفَ عَالِي أَخِيرًا حَقِيقَةَ مَا يَجْرِي.‏ فَفِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ،‏ نَادِرًا مَا كَانَ يَهْوَهُ يَتَوَاصَلُ مَعَ شَعْبِهِ،‏ سَوَاءٌ بِٱلرُّؤَى أَوِ ٱلرَّسَائِلِ ٱلنَّبَوِيَّةِ.‏ وَلَا عَجَبَ فِي ذٰلِكَ.‏ غَيْرَ أَنَّ عَالِيَ عَلِمَ أَنَّ يَهْوَهَ يُعَاوِدُ ٱلتَّوَاصُلَ مَعَ ٱلْبَشَرِ،‏ وَٱلْآنَ مِنْ خِلَالِ هٰذَا ٱلصَّبِيِّ!‏ لِذَا،‏ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَضْطَجِعَ مَرَّةً أُخْرَى،‏ وَلَقَّنَهُ مَا يُجِيبُ.‏ فَأَطَاعَهُ صَمُوئِيلُ.‏ وَسُرْعَانَ مَا سَمِعَ ٱلصَّوْتَ يُنَادِي مُجَدَّدًا:‏ «صَمُوئِيلُ،‏ صَمُوئِيلُ!‏».‏ فَأَجَابَ:‏ «تَكَلَّمْ،‏ فَإِنَّ خَادِمَكَ يَسْمَعُ».‏ —‏ ١ صم ٣:‏​١،‏ ٥-‏١٠‏.‏

٢١ كَيْفَ نَسْتَمِعُ إِلَى يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ،‏ وَلِمَ ٱلْأَمْرُ جَدِيرٌ بِٱلْعَنَاءِ؟‏

٢١ أَخِيرًا وُجِدَ شَخْصٌ فِي شِيلُوهَ يَسْمَعُ كَلَامَ يَهْوَهَ!‏ لَقَدِ ٱتَّبَعَ صَمُوئِيلُ هٰذَا ٱلْمَسْلَكَ طَوَالَ حَيَاتِهِ.‏ فَهَلْ تَسِيرُ عَلَى مِنْوَالِهِ؟‏ لَا حَاجَةَ لَنَا أَنْ نَنْتَظِرَ صَوْتًا خَارِقًا لِلطَّبِيعَةِ يَتَكَلَّمُ مَعَنَا فِي ٱللَّيْلِ.‏ فَٱلْيَوْمَ،‏ يُمْكِنُنَا أَنْ نَسْمَعَ صَوْتَ ٱللهِ مَتَى شِئْنَا،‏ لِأَنَّ كَامِلَ كَلِمَتِهِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ فِي مُتَنَاوَلِ يَدِنَا.‏ وَكُلَّمَا أَصْغَيْنَا إِلَى ٱللهِ وَأَطَعْنَاهُ،‏ ٱزْدَادَ إِيمَانُنَا قُوَّةً.‏ وَهٰذَا بِٱلضَّبْطِ مَا لَمَسَهُ صَمُوئِيلُ.‏

رَغْمَ ٱلْخَوْفِ ٱلَّذِي ٱعْتَرى صَمُوئِيلَ،‏ نَقَلَ إِلَى عَالِي بِأَمَانَةٍ رِسَالَةَ دَيْنُونَةٍ مِنْ يَهْوَهَ

٢٢،‏ ٢٣ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ تَحَقَّقَتِ ٱلنُّبُوَّةُ ٱلَّتِي خَافَ صَمُوئِيلُ بِدَايَةً أَنْ يَنْقُلَهَا؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ ٱنْتَشَرَ ذِكْرُ صَمُوئِيلَ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ؟‏

٢٢ شَكَّلَتْ تِلْكَ ٱللَّيْلَةُ فِي شِيلُوهَ مَحَطَّةً بَارِزَةً فِي حَيَاةِ صَمُوئِيلَ.‏ فَقَدْ وَسَمَتْ بِدَايَةَ عَلَاقَةٍ خُصُوصِيَّةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهْوَهَ،‏ إِذْ أَصْبَحَ نَبِيَّهُ وَٱلنَّاطِقَ بِلِسَانِهِ.‏ فِي ٱلْبِدَايَةِ خَافَ ٱلصَّبِيُّ أَنْ يَنْقُلَ ٱلرِّسَالَةَ ٱلْإِلٰهِيَّةَ إِلَى عَالِي.‏ فَهِيَ كَانَتْ إِعْلَانًا نِهَائِيًّا بِأَنَّ نُبُوَّةَ يَهْوَهَ عَلَى تِلْكَ ٱلْعَائِلَةِ سَتَتَحَقَّقُ عَمَّا قَرِيبٍ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ ٱسْتَجْمَعَ ٱلْجُرْأَةَ وَأَخْبَرَهُ بِهَا،‏ فَأَذْعَنَ عَالِي بِتَوَاضُعٍ لِلْحُكْمِ ٱلْإِلٰهِيِّ.‏ وَلَمْ يَمُرَّ وَقْتٌ طَوِيلٌ حَتَّى تَمَّ كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ يَهْوَهُ:‏ خَاضَتْ إِسْرَائِيلُ حَرْبًا ضِدَّ ٱلْفِلِسْطِيِّينَ،‏ قُتِلَ حُفْنِي وَفِينْحَاسُ كِلَاهُمَا فِي ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ،‏ وَمَاتَ عَالِي حِينَ عَلِمَ أَنَّ تَابُوتَ يَهْوَهَ ٱلْمُقَدَّسَ قَدْ أُخِذَ.‏ —‏ ١ صم ٣:‏​١٠-‏١٨؛‏ ٤:‏​١-‏١٨‏.‏

٢٣ بِٱلْمُقَابِلِ،‏ رَاحَ ذِكْرُ صَمُوئِيلَ كَنَبِيٍّ أَمِينٍ يَنْتَشِرُ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ.‏ ‹فَيَهْوَهُ كَانَ مَعَهُ› حَسْبَمَا تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ،‏ وَلَمْ يَدَعْ أَيًّا مِنَ ٱلنُّبُوَّاتِ ٱلَّتِي تَفَوَّهَ بِهَا هٰذَا ٱلنَّبِيُّ يَسْقُطُ دُونَ إِتْمَامٍ.‏ —‏ اقرأ ١ صموئيل ٣:‏١٩‏.‏

‏«دَعَا صَمُوئِيلُ يَهْوَهَ»‏

٢٤ أَيُّ قَرَارٍ ٱتَّخَذَهُ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ بَعْدَ فَتْرَةٍ مِنَ ٱلْوَقْتِ،‏ وَمَا خُطُورَةُ قَرَارِهِمْ هٰذَا؟‏

٢٤ هَلِ ٱتَّبَعَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ قِيَادَةَ صَمُوئِيلَ وَصَارُوا أُمَنَاءَ لِيَهْوَهَ وَأَقْرَبَ إِلَيْهِ؟‏ كَلَّا.‏ فَبَعْدَ فَتْرَةٍ،‏ ٱخْتَارُوا أَلَّا يَقْضِيَ لَهُمْ نَبِيٌّ وَأَنْ يَحْكُمَهُمْ مَلِكٌ بَشَرِيٌّ كَٱلْأُمَمِ ٱلْأُخْرَى.‏ فَلَبَّى صَمُوئِيلُ طَلَبَهُمْ بِتَوْجِيهٍ مِنْ يَهْوَهَ.‏ وَلٰكِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُوضِحَ لَهُمْ جَسَامَةَ خَطِيَّتِهِمْ.‏ فَهُمْ لَمْ يَرْفُضُوا مُجَرَّدَ إِنْسَانٍ بَلْ يَهْوَهَ نَفْسَهُ!‏ لِذَا ٱسْتَدْعَى صَمُوئِيلُ ٱلشَّعْبَ إِلَى ٱلْجِلْجَالِ.‏

صَلَّى صَمُوئِيلُ بِإِيمَانٍ،‏ فَٱسْتَجَابَهُ يَهْوَهُ بِإِرْسَالِ عَاصِفَةٍ رَعْدِيَّةٍ

٢٥،‏ ٢٦ كَيْفَ ٱسْتَطَاعَ أَخِيرًا صَمُوئِيلُ ٱلْمُسِنُّ أَنْ يُرِيَ ٱلشَّعْبَ فِي ٱلْجِلْجَالِ فَدَاحَةَ خَطِيَّتِهِمْ بِحَقِّ يَهْوَهَ؟‏

٢٥ لِنَعُدْ مُجَدَّدًا إِلَى صَمُوئِيلَ ٱلْمُسِنِّ وَهُوَ يُخَاطِبُهُمْ فِي ذٰلِكَ ٱلْمَوْقِفِ ٱلْمُتَوَتِّرِ.‏ فَقَدْ ذَكَّرَهُمْ بِسِجِلِّ أَمَانَتِهِ وَٱسْتِقَامَتِهِ،‏ ثُمَّ ‹دَعَا يَهْوَهَ›،‏ كَمَا تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ،‏ طَالِبًا مِنْهُ أَنْ يُرْسِلَ عَاصِفَةً رَعْدِيَّةً.‏ —‏ ١ صم ١٢:‏​١٧،‏ ١٨‏.‏

٢٦ عَاصِفَةٌ رَعْدِيَّةٌ فِي فَصْلِ ٱلْجَفَافِ؟‏!‏ لَمْ يَحْصُلْ أَمْرٌ كَهٰذَا مِنْ قَبْلُ!‏ وَلَوْ شَكَّكَ ٱلشَّعْبُ لَحْظَةً فِي طَلَبِ صَمُوئِيلَ أَوْ هَزَأُوا بِهِ،‏ لَعَلِمُوا عَلَى ٱلْفَوْرِ أَنَّهُمْ مُخْطِئُونَ.‏ فَفَجْأَةً،‏ تَلَبَّدَتِ ٱلسَّمَاءُ بِٱلْغُيُومِ ٱلسَّوْدَاءِ وَهَبَّتْ رِيَاحٌ شَدِيدَةٌ عَصَفَتْ بِسَنَابِلِ ٱلْحِنْطَةِ فِي ٱلْحُقُولِ.‏ ثُمَّ سُمِعَ دَوِيُّ رَعْدٍ يَصُمُّ ٱلْآذَانَ وَٱنْهَمَرَ ٱلْمَطَرُ بِغَزَارَةٍ.‏ وَمَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ ٱلشَّعْبِ؟‏ تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ:‏ «خَافَ كُلُّ ٱلشَّعْبِ مِنْ يَهْوَهَ وَمِنْ صَمُوئِيلَ خَوْفًا شَدِيدًا».‏ لَقَدْ أَدْرَكُوا أَخِيرًا فَدَاحَةَ خَطِيَّتِهِمْ.‏ —‏ ١ صم ١٢:‏​١٨،‏ ١٩‏.‏

٢٧ كَيْفَ يُكَافِئُ يَهْوَهُ ٱلَّذِينَ يَقْتَدُونَ بِإِيمَانِ صَمُوئِيلَ؟‏

٢٧ لَمْ يَكُنْ صَمُوئِيلُ مَنْ مَسَّ قُلُوبَهُمُ ٱلْمُتَمَرِّدَةَ،‏ بَلْ إِلٰهُهُ يَهْوَهُ.‏ فَمِنَ ٱلصِّغَرِ حَتَّى ٱلْمَشِيبِ،‏ آمَنَ صَمُوئِيلُ بِهِ وَٱتَّكَلَ عَلَيْهِ فَبُورِكَ بَرَكَاتٍ جَزِيلَةً.‏ وَبِمَا أَنَّ يَهْوَهَ لَا يَتَغَيَّرُ،‏ فَمَا زَالَ حَتَّى ٱلْيَوْمِ يَدْعَمُ ٱلَّذِينَ يَقْتَدُونَ بِإِيمَانِ هٰذَا ٱلرَّجُلِ ٱلْأَمِينِ.‏

^ ‎الفقرة 5‏ عَاشَ ٱلنَّذِيرُونَ تَحْتَ نَذْرٍ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَشْرَبُوا ٱلْكُحُولَ وَيَقُصُّوا شُعُورَهُمْ.‏ وَقَدْ أَخَذَ مُعْظَمُهُمْ هٰذَا ٱلنَّذْرَ عَلَى نَفْسِهِ فَتْرَةً مُحَدَّدَةً،‏ فِي حِينِ كَانَ قَلِيلُونَ مِنْهُمْ نَذِيرِينَ مَدَى ٱلْحَيَاةِ،‏ أَمْثَالُ شَمْشُونَ وَصَمُوئِيلَ وَيُوحَنَّا ٱلْمَعْمَدَانِ.‏

^ ‎الفقرة 9‏ كَانَ ٱلْمَقْدِسُ مُسْتَطِيلَ ٱلشَّكْلِ،‏ وَهُوَ مِنْ حَيْثُ ٱلْمَبْدَأُ خَيْمَةٌ ضَخْمَةٌ ذَاتُ هَيْكَلٍ خَشَبِيٍّ.‏ وَقَدْ صُنِعَ مِنْ أَجْوَدِ ٱلْمَوَادِّ:‏ جُلُودِ فُقْمَاتٍ،‏ أَقْمِشَةٍ مُطَرَّزَةٍ بِإِتْقَانٍ،‏ وَأَخْشَابٍ نَفِيسَةٍ مُلَبَّسَةٍ بِٱلْفِضَّةِ وَٱلذَّهَبِ.‏ وَشُيِّدَ ضِمْنَ دَارٍ مُسْتَطِيلَةٍ تَحْوِي مَذْبَحًا مَهِيبًا لِتَقْدِيمِ ٱلذَّبَائِحِ.‏ وَمَعَ ٱلْوَقْتِ،‏ أُنْشِئَتْ عَلَى مَا يَظْهَرُ غُرَفٌ إِضَافِيَّةٌ بِجِوَارِ ٱلْمَقْدِسِ لِيَسْتَخْدِمَهَا ٱلْكَهَنَةُ.‏ وَيَبْدُو أَنَّ صَمُوئِيلَ كَانَ يَنَامُ فِي إِحْدَاهَا.‏

^ ‎الفقرة 12‏ تَتَضَمَّنُ هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةُ مَثَلَيْنِ عَلَى ٱلِٱسْتِهَانَةِ.‏ أَوَّلًا،‏ ٱنْتَهَكَ ٱلْكَهَنَةُ ٱلْأَشْرَارُ فِي ٱلْمَسْكَنِ ٱلشَّرِيعَةَ ٱلَّتِي حَدَّدَتْ أَيَّةُ أَجْزَاءٍ مِنَ ٱلذَّبَائِحِ تُعْطَى لِلْكَهَنَةِ كَيْ يَأْكُلُوهَا.‏ (‏تث ١٨:‏٣‏)‏ فَقَدْ كَانَ غِلْمَانُهُمْ يُقْحِمُونَ شَوْكَةً ضَخْمَةً فِي ٱلْمِغْلَاةِ ٱلَّتِي يُطْبَخُ فِيهَا ٱللَّحْمُ،‏ مُعْطِينَ ٱلْكَاهِنَ كُلَّ مَا يَصْعَدُ بِٱلشَّوْكَةِ مِنَ ٱللَّحْمِ ٱلْجَيِّدِ.‏ ثَانِيًا،‏ حِينَ كَانَ ٱلشَّعْبُ يَأْتُونَ بِذَبَائِحِهِمْ لِإِيقَادِهَا عَلَى ٱلْمَذْبَحِ،‏ ٱعْتَادَ هٰؤُلَاءِ ٱلْكَهَنَةُ أَنْ يُرْسِلُوا غِلْمَانَهُمْ لِيَأْخُذُوا بِٱلْإِكْرَاهِ لَحْمًا نِيئًا مِنْ مُقَرِّبِ ٱلذَّبِيحَةِ،‏ حَتَّى قَبْلَ إِيقَادِ ٱلشَّحْمِ لِيَهْوَهَ.‏ —‏ لا ٣:‏​٣-‏٥؛‏ ١ صم ٢:‏​١٣-‏١٧‏.‏